الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو ادعى حر قبل عبد قذفا فأراد أن يأخذ منه كفيلا بنفسه أو نفس مولاه وخاف أن لا يقام عليه الحد إلا بمحضر من مولاه لم يؤخذ له الكفيل من واحد منهما ولكنه يؤمر بتلازمهما إلى أن يقوم القاضي في قول أبي حنيفة - رحمه الله - ولو أقام البينة عليه بذلك بمحضر من مولاه ; فإن العبد يحبس له ويؤخذ له من مولاه كفيل في قول أبي حنيفة - رحمه الله - وفي قول أبي يوسف - رحمه الله - لا يحبس العبد ، ولكن يؤخذ له كفيل بنفس العبد خاصة دون نفس المولى ، وفي قول محمد - رحمه الله - يؤخذ له الكفيل بنفس العبد ونفس مولاه والذي قال في الكتاب : إن قول محمد - رحمه الله - مثل قول أبي حنيفة - رحمه الله - إنما يريد به أخذ الكفيل من المولى فأما حبس العبد فقوله كقول أبي يوسف - رحمه الله - وهو بناء على مسألتين : إحداهما ما بينا من أخذ الكفيل بنفس المدعي قبله حد القذف ، والأخرى : ما تقدم بيانه في الآبق أن حد القذف بالبينة لا يقام على العبد إلا بمحضر من مولاه في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وفي قول أبي يوسف - رحمه الله - يقام عليه ، وإن لم يحضر المولى . فقال أبو يوسف - رحمه الله - : لا يأخذ الكفيلين بنفس [ ص: 106 ] المولى ; لأنه لا حاجة إلى حضوره في إقامته الحد ويؤخذ الكفيل بنفس العبد ولا يحبس قبل إقامة البينة ولا بعدها قبل ظهور عدالة الشهود ; لأن هذا بمنزلة المال عنده في حكم الكفالة بالنفس وقال محمد - رحمه الله - كذلك ، إلا أنه قال : يؤخذ الكفيل بنفس المولى ; لأنه لا بد من حضرة المولى لإقامة الحد على العبد عنده . وعند أبي حنيفة - رحمه الله - في دعوى حد القذف لا يجبر على إعطاء الكفيل بالنفس قبل إقامة البينة ولكن يصار فيه إلى الملازمة ولا بد من حضرة المولى عنده لإقامة البينة فيكون للمدعي أن يلازمهما وبعد إقامة البينة يحبس العبد تعزيرا كما يحبس الحر إذا قامت البينة عليه بالقذف ويؤخذ من مولاه كفيل ; لأنه لا بد من حضرة المولى لإقامة الحد ولا سبيل إلى حبسه ; لأنه ما ارتكب حراما فيؤخذ منه كفيل نظرا للمدعي ; لأنه ليس في أخذ الكفيل من المولى هنا توثق بحد عليه إذ لا حد على المولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية