الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل بها عنه بأمره رجل ثم إن الطالب أخذ الكفيل بها فأعطاه كفيلا آخر بها ثم أداها الآخر إلى الطالب ; لم يرجع بها على الأصيل لأنه ما تحمل بها عن الأصيل ، ولا أمره الأصيل بهذه الكفالة . وثبوت حق الرجوع للكفيل عند الأداء بسبب الأصيل بالكفالة فإنما يرجع على من أمره به وهو الكفيل الأول ثم الكفيل الأول يرجع على الأصيل ; لأن أداء كفيله بأمره بمنزلة أدائه بنفسه ، ولأنه قد أسقط عن الأصيل مطالبة الطالب بهذا المال بما أداه من مال نفسه إلى الكفيل الآخر فكأنه أسقط ذلك بأدائه إلى الطالب ، وإن كان كفل عن الذي عليه الأصل رجلان ولم يقل كل واحد منهما : كفلت عن صاحبي ; فإن الطالب يطالب كل واحد منهما بالنصف ; لأنهما التزما المال بعقد واحد فيكون كل واحد منهما ملتزما للنصف كالمشتريين أو المقرين لرجل عليهما بالمال وأيهما أدى النصف لم يرجع على صاحبه بشيء ; لأنه ما التزم عن صاحبه شيئا إنما التزم عن الأصيل فيكون رجوعه عليه إن كان كفل عنه بأمره ، فإن لم يؤديا شيئا حتى قالا للطالب : [ ص: 38 ] أينا شئت أخذت بهذا المال أو : كل واحد منا كفيل ضامن بها . فله أن يأخذ أيهما شاء بجميع المال ; لأن هذه الزيادة ألحقتها بالكفالة الأولى وقد صحت منهما فصارت كالمذكور في أصل الكفالة الأولى ; أخذ أيهما شاء بجميع المال ، وإن أداه أحدهما رجع على صاحبه بالنصف ليستويا في غرم الكفالة كما استويا في كفالة كل واحد منهما عن صاحبه فإن لقي الطالب أحدهما فاشترط ذلك عليه مثل ذلك بأمر صاحبه فهو سواء ; لأن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه وعن الأصيل .

ولا فرق بين أن يكون كفالة كل واحد منهما عن الأصيل

التالي السابق


الخدمات العلمية