( فصل ) في شروط الإمام الأعظم وبيان طرق الإمامة . هي فرض كفاية كالقضاء فيأتي فيها أقسامه الآتية من الطلب والقبول وعقب البغاة لكون الكتاب عقد لهم والإمامة لم تذكر إلا تبعا [ ص: 75 ] بهذا ؛ لأن البغي خروج على الإمام الأعظم القائم بخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ومن ثم اشترط فيه ما شرط في القاضي وزيادة كما قال ( شرط الإمام كونه مسلما ) ليراعي مصلحة الإسلام والمسلمين ( مكلفا ) ؛ لأن غيره في ولاية غيره وحجره فكيف يلي أمر الأمة وروى أحمد خبر { نعوذ بالله من إمارة الصبيان } ( حرا ) ؛ لأن من فيه رق لا يهاب وخبر { اسمعوا وأطيعوا ، وإن ولي عليكم عبد حبشي } محمول على غير الإمامة العظمى أو للمبالغة فقط ( ذكرا ) لضعف عقل الأنثى وعدم مخالطتها للرجال وصح خبر { لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة } وألحق بها الخنثى احتياطا فلا تصح ولايته ، وإن بان ذكرا كالقاضي بل أولى ( قرشيا ) لخبر { الأئمة من قريش } إسناده جيد لا هاشميا اتفاقا
فإن فقد قرشي جامع للشروط فكناني فرجل من ولد إسماعيل صلى الله على نبينا وعليه وسلم ومر في ذلك كلام في الفيء والكفاءة فعجمي كذا في التهذيب وفي التتمة بعد ولد إسماعيل فجرهمي ؛ لأن جرهما أصل العرب ومنهم تزوج إسماعيل فمن ولد إسحاق صلى الله على نبينا وعليه وسلم ( مجتهدا ) كالقاضي بل أولى بل حكي فيه الإجماع ولا ينافيه قول القاضي عدل جاهل أولى من فاسق عالم ؛ لأن الأول يمكنه التفويض للعلماء فيما يفتقر للاجتهاد ؛ لأن محله عند فقد المجتهدين [ ص: 76 ] وكون أكثر من ولي أمر الأمة بعد الخلفاء الراشدين غير مجتهدين إنما ، هو لتغلبهم فلا يرد ( شجاعا ) ليغزو بنفسه ويدبر الجيوش ويفتح الحصون ويقهر الأعداء ( ذا رأي ) يسوس به الرعية ويدبر مصالحهم الدينية والدنيوية
قال الهروي وأدناه أن يعرف أقدار الناس ( وسمع ) ، وإن قل ( وبصر ) ، وإن ضعف بحيث لم يمنع التمييز بين الأشخاص أو كان أعور أو أعشى ( ونطق ) يفهم ، وإن فقد الذوق والشم وذلك ليتأتى منه فصل الأمور وعدلا كالقاضي بل أولى فلو اضطر لولاية فاسق جاز ومن ثم قال ابن عبد السلام لو تعذرت العدالة في الأئمة والحكام قدمنا أقلهم فسقا قال الأذرعي ، وهو متعين إذ لا سبيل إلى جعل الناس فوضى ويلحق بها الشهود فإذا تعذرت العدالة في أهل قطر قدم أقلهم فسقا على ما يأتي وسليما من نقص يمنع استيفاء الحركة وسرعة النهوض وتعتبر هذه الشروط في الدوام أيضا إلا العدالة فقد مر في الوصايا أنه لا ينعزل بالفسق ، وإلا الجنون إذا كان زمن الإفاقة أكثر وتمكن فيه من أموره وإلا قطع يد أو رجل فيغتفر دواما لا ابتداء بخلاف قطع اليدين أو الرجلين لا يغتفر مطلقا


