الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء


                                                                                                                              . ( وتقبل شهادة البغاة ) لعدم فسقهم كما مر نعم الخطابية منهم ومن غيرهم لا تقبل شهادتهم لموافقيهم كما يأتي ولا ينفذ قضاؤهم ( و ) يقبل أيضا ( قضاء قاضيهم ) لذلك لكن ( فيما يقبل فيه قضاء قاضينا ) لا في غيره كمخالف النص أو الإجماع أو القياس الجلي وظاهر كلامهم هنا وجوب قبول ذلك وعليه فلا ينافيه ما يأتي في التنفيذ ؛ لأن هذا كما هو ظاهر فيما وقع اتصال أثر الحكم به من نحو أخذ ورد وذاك فيما لم يتصل به أثره ويفرق بأن الإلغاء هنا فيه ضرر عظيم بخلافه ثم ( إلا ) راجع [ ص: 69 ] للأمرين قبله ( أن يستحل ) ولو على احتمال بأن لم ندر أنه ممن يستحل أو لا ( دماءنا ) أو أموالنا لفقد عدالته حينئذ ويؤخذ منه أن المراد استحلال خارج الحرب وإلا فكل البغاة يستحلونها حالة الحرب

                                                                                                                              واعترض هذا بقول الروضة في الشهادات تقبل شهادة المستحل للدم والمال من أهل الأهواء والقاضي كالشاهد ورد بأن المعتمد ما هنا ويحتمل الجمع بحمل ما هنا على غير المؤول تأويلا محتملا وما هناك على المؤول كذلك ثم رأيت التصريح بذلك ( وينفذ ) بالتشديد ( كتابه بالحكم ) إلينا جوازا لصحته بشرطه ( ويحكم ) جوازا أيضا ( بكتابه ) إلينا ( بسماع البينة في الأصح ) لصحته أيضا ويندب عدم تنفيذه والحكم به استخفافا بهم وينبغي تخصيصه بما إذا لم يترتب عليه ضرر المحكوم له بأن انحصر تخليص حقه في ذلك بل لا يبعد حينئذ الوجوب ثم رأيت الأذرعي بحثه فيما إذا كان الحق لواحد منا على واحد منهم والذي يتجه أن عكسه مثله بقيده المذكور كما اقتضاه عموم ما قررته ( ولو أقاموا حدا ) أو تعزيرا ( وأخذوا زكاة وجزية وخراجا وفرقوا سهم المرتزقة على جندهم صح ) فنفذه إذا عاد إلينا ما استولوا عليه وفعلوا فيه ذلك تأسيا بعلي كرم الله وجهه لئلا يضر بالرعية ؛ ولأن جندهم من جند الإسلام ورعب الكفار قائم بهم وبحث البلقيني أن محله إذا كان فاعل ذلك هو مطاعهم لا آحادهم ولا فرقة منعت واجبا عليها من غير خروج وفي زكاة غير معجلة ومعجلة استمرت شوكتهم لدخول وقتها وإلا لم يعتد بقبضهم لها ؛ لأنهم عند الوجوب غير متأهلين للأخذ ( وفي الأخير ) وهو تفرقتهم ما ذكر بل فيما عدا الحد ( وجه ) أنه لا يعتد به لئلا يتقووا به علينا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولا ينفذ قضاؤهم ) لم يقيد ذلك بقوله لموافقيهم وقضية عبارة الروض وشرحه التقييد حيث قال الروض فيجيز شهادة البغاة وينفذ قضاؤهم فيما ينفذ فيه قضاؤنا إن علمنا أنهم لا يستحلون دماءنا وأموالنا وما لم يكونوا خطابية ا هـ وقال في شرحه وأما إذا كانوا خطابية فيمتنع منا ذلك أيضا وإن علمنا أنهم لا يستحلون ما ذكر لكن محله إذا فعلوا ذلك مع موافقيهم كما سيأتي في الشهادات نعم لو بينوا في شهادتهم السبب قبلت لانتفاء التهمة حينئذ كما سيأتي فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : فلا ينافيه ما يأتي ) قريبا ( قوله : ويفرق بأن الإلغاء ) أي رد الحكم ( قوله : بخلافه ) أي ثم ترك مجرد التنفيذ ( قوله : [ ص: 69 ] لفقد عدالته حينئذ ) فيه نظر في صورة كون الاستحلال على الاحتمال .

                                                                                                                              ( قوله : ويحتمل الجمع ) يحمل ما هنا على غير المؤول تأويلا محتملا وما هناك على المؤول كذلك ثم رأيت التصريح بذلك وعبارة شرح الروض لكن محله في الأولى إذا استحلوا ذلك بالباطل عدوانا ليتوصلوا إلى إراقة دمائنا وإتلاف أموالنا وما ذكره كأصله في الشهادات من التسوية في تنفيذ ما ذكر بين من يستحل الدماء والأموال وغيره محله في غير ذلك فلا تناقض ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفي زكاة غير معجلة إلخ ) وسواء كانت الزكاة معجلة أم لا استمرت شوكتهم إلى وجوبها أم لا كما اقتضاه تعليل الأصحاب المار وقياسهم على أهل العدل ممنوع خلافا للبلقيني م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني ( قوله : لعدم فسقهم ) إلى قوله وظاهر كلامهم في المغني وإلى قوله ثم رأيت في النهاية إلا قوله بأن لم ندر إلى المتن وقوله ورد إلى ويحتمل ( قوله : لعدم فسقهم إلخ ) أي لتأويلهم ( قوله : كما مر ) أي آنفا ( قوله : الخطابية ) وهم صنف من الرافضة يشهدون بالزور ويقضون به لموافقيهم بتصديقهم أسنى ومغني ( قوله : منهم ) أي البغاة ( قوله : كما يأتي ) أي في الشهادات وسيأتي فيها أنهم إن بينوا في شهادتهم السبب قبلت لانتفاء التهمة حينئذ أسنى ومغني وع ش ( قوله : ولا ينفذ قضاؤهم ) أي لموافقيهم نهاية وأسنى ومغني ( قوله : ويقبل أيضا قضاء قاضيهم ) أي بعد اعتبار صفات القاضي فيه ا هـ مغني ( قوله : لذلك ) أي لعدم فسقهم ( قوله : هنا ) احتراز عما يأتي في التنفيذ ( قوله : قبول ذلك ) أي قضاء قاضيهم ( قوله : ما يأتي في التنفيذ ) أي من ندب عدمه ا هـ ع ش ( قوله : ؛ لأن هذا كما هو ظاهر إلخ ) عبارة النهاية لشدة الضرر بترك عدم قبول الحكم بخلاف التنفيذ ا هـ وكتب الرشيدي عليه ما نصه عبارة التحفة صريحة في أن الحكم في المحلين واحد غاية الأمر أن كلامهم هنا في الحكم الذي يتصل أثره به وهناك في الحكم الذي لم يتصل أثره به وعبارة الشارح صريحة في أن المراد بالتنفيذ المعنى الاصطلاحي ، وهو أن يقول القاضي نفذته فهذا غير واجب بخلاف قبول الحكم والتزام مقتضاه فإنه واجب وحاول الشهاب ابن قاسم رد كلام التحفة إلى كلام الشارح فإنه قال قوله : بأن الإلغاء أي رد الحكم ثم قال قوله : بخلافه ثم أي ترك مجرد التنفيذ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن هذا إلخ ) يظهر أن هذا للتنفيذ بمعنى عدم النقض والتعرض له والآتي للتنفيذ بمعنى الإمضاء والإعانة عليه والفرق واضح ولا يلزم في الأول اتصال الأثر ا هـ سيد عمر [ ص: 69 ] قوله : الأمرين إلخ ) أي الشهادة والقضاء ا هـ ع ش ( قول المتن إلا أن يستحل إلخ ) أي شاهد البغاة أو قاضيهم وينبغي كما قاله الزركشي أن يكون سائر الأسباب للفسق في معنى استحلال الدم والمال ا هـ مغني ( قوله : ولو على احتمال ) إلى المتن في المغني ( قوله : ويؤخذ منه ) أي من التعليل ( قوله : واعترض هذا ) أي ما جزم به المصنف هنا من عدم صحة شهادته ونفوذ قضائه إذا استحل دماءنا وأموالنا ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : ويحتمل الجمع بحمل ما هنا إلخ ) جزم به النهاية والمغني والأسنى ( قوله : محتملا ) أي ذا احتمال وكأنه احتراز عن قطعي البطلان ا هـ سيد عمر ( قول المتن وينفذ ) أي قاضينا كتابه أي قاضي البغاة ا هـ مغني ( قوله : جوازا أيضا ) إلى قوله وينبغي في المغني وإلى قوله والذي يتجه في النهاية ( قوله : عدم تنفيذه ) أي الكتاب بالحكم والحكم به أي بالكتاب بالسماع ( قوله : تخصيصه ) أي ندب ما ذكر ( قوله : عليه ) أي عدم التنفيذ والحكم ( قوله : في ذلك ) أي في التنفيذ والحكم ( قوله : الوجوب ) أي وجوب التنفيذ والحكم .

                                                                                                                              ( قوله : أو تعزيرا ) إلى قوله وبحث البلقيني في النهاية إلا قوله تأسيا إلى لئلا يضر ( قول المتن وأخذوا ) في النهاية والمغني أو بدل الواو ( قوله : فننفذه ) إلى المتن في المغني إلا قوله ولا فرقة إلى وفي زكاة ( قوله : لئلا يضر ) الأولى ولئلا إلخ بالعطف كما في المغني ( قوله : وبحث البلقيني أن محله إلخ ) عبارة المغني أما إذا أقام الحد غير ولاتهم فإنه لا يعتد به ومحل الاعتداد به في الزكاة كما قال البلقيني إذا كانت غير معجلة أو معجلة لكن استمرت إلخ ( قوله : ولا فرقة منعت إلخ ) قد يقال هؤلاء ليسوا بغاة فهم خارجون من أصل المسألة ا هـ سيد عمر وفيه نظر يظهر بمراجعة تعريف البغاة وتقسيمها فيه إلى قسمين ( قوله : وفي زكاة غير معجلة إلخ ) خلاف النهاية وسواء أكانت الزكاة معجلة أم لا استمرت شوكتهم إلى وجوبها أم لا كما اقتضاه تعليل الأصحاب المار وقياسهم على أهل العدل ممنوع خلافا للبلقيني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهو تفرقتهم ) إلى التنبيه في النهاية ( قوله : بل فيما عدا الحد ) يمكن على بعد أن تحمل عليه عبارة المنهاج بأن يراد بالأخير ما عدا الأول ا هـ سيد عمر ( قوله : عدا الحد ) أي والتعزير




                                                                                                                              الخدمات العلمية