( كتاب قطع ) قيل لو حذفه كما حذف حد من كتاب الزنا لكان أعم وأخصر لتناوله أحكام نفس
nindex.php?page=treesubj&link=10093السرقة انتهى ويرد بأن القطع هنا واحد لا يختلف باختلاف الفاعل فكان هو المقصود بالذات
[ ص: 124 ] وما عداه بطريق التبع له فذكر لذلك ، والحد ثم متعدد بتعدد فاعله ومختلف في بعض أجزائه وهو التغريب فحذف لئلا يتوهم التخصيص ببعضها فهما صنيعان لكل ملحظ ، فإن قلت قال
الزركشي عبر في التنبيه بحد السرقة وهو أحسن لأن الحد لا ينحصر في القطع قلت إنما يصح هذا بناء على الضعيف أن الحسم من تتمة الحد أو على أن من سرق خامسة أو ولا أربع له أو ولا تكليف يكون تعزيره الذي ذكروه حدا ، له والوجه خلافه لأن الحد مقدر شرعا والتعزير بخلافه وما هنا غير مقدر فتعذر كونه حدا ، ونص
الإمام على أن تعزير الصبي أي المميز
والقاضي على أن تعزير المجنون الذي له نوع تمييز حد له فيه تجوز ظاهر كما هو واضح ( السرقة ) هي بفتح فكسر أو بفتح أو كسر فسكون لغة أخذ الشيء خفية ، وشرعا أخذ مال خفية من حرز مثله بشروطه الآتية والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع ولما شكك الملحد
المعري بقوله :
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
، ؟ أجابه
القاضي عبد الوهاب المالكي بجواب بديع مختصر وهو قوله :
وقاية النفس أغلاها وأرخصها وقاية المال فافهم حكمة الباري
، أي لو وديت بالقليل لكثرت الجنايات على الأطراف المؤدية لإزهاق النفوس لسهولة الغرم في مقابلتها ولو لم يقطع إلا في الكثير لكثرت الجنايات على الأموال ، وأجاب
ابن الجوزي بأنها لما كانت أمينة كانت ثمينة فلما خانت هانت .
( كِتَابُ قَطْعٍ ) قِيلَ لَوْ حَذَفَهُ كَمَا حَذَفَ حَدٌّ مِنْ كِتَابِ الزِّنَا لَكَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ لِتَنَاوُلِهِ أَحْكَامَ نَفْسِ
nindex.php?page=treesubj&link=10093السَّرِقَةِ انْتَهَى وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْقَطْعَ هُنَا وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ فَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ
[ ص: 124 ] وَمَا عَدَاهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَهُ فَذُكِرَ لِذَلِكَ ، وَالْحَدُّ ثَمَّ مُتَعَدِّدٌ بِتَعَدُّدِ فَاعِلِهِ وَمُخْتَلِفٌ فِي بَعْضِ أَجْزَائِهِ وَهُوَ التَّغْرِيبُ فَحُذِفَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ التَّخْصِيصُ بِبَعْضِهَا فَهُمَا صَنِيعَانِ لِكُلٍّ مَلْحَظٌ ، فَإِنْ قُلْت قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ عَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ بِحَدِّ السَّرِقَةِ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَنْحَصِرُ فِي الْقَطْعِ قُلْت إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا بِنَاءً عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ الْحَسْمَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِّ أَوْ عَلَى أَنَّ مَنْ سَرَقَ خَامِسَةً أَوْ وَلَا أَرْبَعَ لَهُ أَوْ وَلَا تَكْلِيفَ يَكُونُ تَعْزِيرُهُ الَّذِي ذَكَرُوهُ حَدًّا ، لَهُ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْحَدَّ مُقَدَّرٌ شَرْعًا وَالتَّعْزِيرَ بِخِلَافِهِ وَمَا هُنَا غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَتَعَذَّرَ كَوْنُهُ حَدًّا ، وَنَصَّ
الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ تَعْزِيرَ الصَّبِيِّ أَيْ الْمُمَيِّزِ
وَالْقَاضِي عَلَى أَنَّ تَعْزِيرَ الْمَجْنُونِ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ حَدٌّ لَهُ فِيهِ تَجَوُّزٌ ظَاهِرٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ ( السَّرِقَةِ ) هِيَ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَوْ بِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٌ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً ، وَشَرْعًا أَخْذُ مَالٍ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَلَمَّا شَكَّك الْمُلْحِدُ
الْمَعَرِّيُّ بِقَوْلِهِ :
يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ
، ؟ أَجَابَهُ
الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ بِجَوَابٍ بَدِيعٍ مُخْتَصَرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ :
وِقَايَةُ النَّفْسِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا وِقَايَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي
، أَيْ لَوْ وُدِيَتْ بِالْقَلِيلِ لَكَثُرَتْ الْجِنَايَاتُ عَلَى الْأَطْرَافِ الْمُؤَدِّيَةِ لِإِزْهَاقِ النُّفُوسِ لِسُهُولَةِ الْغُرْمِ فِي مُقَابَلَتِهَا وَلَوْ لَمْ يُقْطَعْ إلَّا فِي الْكَثِيرِ لَكَثُرَتْ الْجِنَايَاتُ عَلَى الْأَمْوَالِ ، وَأَجَابَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَمِينَةً كَانَتْ ثَمِينَةً فَلَمَّا خَانَتْ هَانَتْ .