( والدفع عن غيره ) مما مر بأنواعه ( كهو عن نفسه ) جوازا ووجوبا ما لم يخش على نفسه ، نعم لو صال كافر على كافر لم يلزم المسلم دفعه عنه وإن لزمه دفعه عن نفسه ، ولو صيل على ما بيده كوديعة لزمه الدفع عنه ؛ لأنه التزم حفظه ، بل جزم الغزالي بوجوبه عن مال الغير مطلقا إن أمكنه من غير مشقة بدن أو خسران مال أو نقص جاه ، قال وهو أولى من وجوب رد السلام ووجوب أداء شهادة يعلمها ولو تركها ضاع المال المشهود به ، ويجاب بمنع الأولوية إذ ترك الرد والأداء يورث عادة ضغائن مع عدم المشقة فيهما بوجه بخلاف ما هنا ، ( وقيل : يجب ) الدفع عن الغير إذا كان آدميا محترما ولم يخش على نفس ( قطعا ) ؛ لأن له الإيثار بحق نفسه دون حق غيره ، واختاره جمع لخبر أحمد { : من أذل عنده مسلم فلم ينصره وهو يقدر أن ينصره أذله الله على رءوس الخلائق يوم القيامة . } ومحل الخلاف في غير النبي فيجب الدفع عنه قطعا وفي غير الإمام ونوابه ؛ لوجوب ذلك عليهم قطعا .
وبحث البلقيني عدم سقوط الوجوب [ ص: 186 ] بالخوف على نفسه في قتال الحربيين والمرتدين ، قال الإمام : ولا يختص الخلاف بالصائل ، بل من أقدم على محرم فهل للآحاد منعه حتى بالقتل ؟ قال الأصوليون : لا . وقال الفقهاء : نعم . قال الرافعي : وهو المنقول حتى قالوا لمن علم شرب خمر أو ضرب طنبور في بيت شخص : أن يهجم عليه ويزيل ذلك فإن أبوا قاتلهم ، فإن قتلهم فلا ضمان عليه ويثاب على ذلك . وظاهر أن محل ذلك ما لم يخش فتنة من وال جائر ؛ لأن التغرير بالنفس والتعرض لعقوبة ولاة الجور ممنوع


