الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولا يجوز إحياء ما قرب من العامر ويترك مرعى لأهل القرية ومطرحا لحصائدهم ) لتحقق حاجتهم إليها حقيقة أو دلالة على ما بيناه ، فلا يكون مواتا لتعلق حقهم بها بمنزلة الطريق والنهر . على هذا قالوا : لا يجوز للإمام أن يقطع ما لا غنى بالمسلمين عنه كالملح والآبار التي يستقي الناس منها لما ذكرنا .

التالي السابق


( قوله لتحقق حاجتهم إليها حقيقة أو دلالة على ما بيناه ) قال عامة الشراح في حل هذا التعليل : لتحقق حاجتهم إليها حقيقة : أي عند محمد رحمه الله ، أو دلالة : أي عند أبي يوسف رحمه الله . وقال صاحب معراج الدراية بعد نقل ذلك : أراد بقوله على ما بيناه قوله ومحمد اعتبر انقطاع ارتفاق أهل القرية عنها حقيقة إلخ . واقتفى أثره صاحب العناية والشارح العيني ، أقول : لم يصب هؤلاء الثلاثة من الشراح في حملهم مراد المصنف بقوله على ما بيناه على ما ذكروا ، إذ الظاهر أن مراد المصنف بقوله المزبور مجموع ما ذكره فيما مر بقوله : والبعد عن القرية على ما قال شرطه أبو يوسف ; لأن الظاهر أن ما يكون قريبا من القرية لا ينقطع ارتفاق أهلها عنه فيدار الحكم عليه ومحمد اعتبر انقطاع ارتفاق أهل القرية عنها حقيقة وإن كان قريبا من القرية انتهى . إذ يصير قوله على ما بيناه حينئذ ناظرا إلى مجموع قوله لتحقق حاجتهم إليها حقيقة أو دلالة فيحسن ، وأما على ما ذكره هؤلاء الشراح فيصير قوله المزبور ناظرا إلى قوله لتحقق حاجتهم إليها حقيقة فقط ، ولا يخفى ما فيه من الركاكة . أما أولا فلأنه كان ينبغي إذ ذاك أن يقدم قوله على ما بيناه على قوله أو دلالة كما لا يشتبه على ذي فطرة سليمة .

وأما ثانيا فلأنه يلزم حينئذ أن يقصر حوالة البيان على صورة حقيقة الحاجة إليها مع مرور بيان صورة دلالة الحاجة إليها أيضا ، وذلك مما لا ضرورة فيه بل لا وجه له




الخدمات العلمية