الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وكذا إذا ارتهنت المرأة رهنا بالصداق فأبرأته أو وهبته أو ارتدت والعياذ بالله قبل الدخول أو اختلعت منه على صداقها ثم هلك الرهن في يدها يهلك بغير شيء في هذا كله ولم تضمن شيئا لسقوط الدين كما في الإبراء ، ولو استوفى المرتهن الدين بإيفاء الراهن أو بإيفاء متطوع ثم هلك الرهن في يده يهلك بالدين ويجب عليه رد ما استوفى إلى ما استوفى منه وهو من عليه أو المتطوع بخلاف الإبراء ) ووجه الفرق أن بالإبراء يسقط الدين أصلا كما ذكرنا ، وبالاستيفاء لا يسقط لقيام الموجب ، إلا أنه يتعذر الاستيفاء لعدم الفائدة ; لأنه يعقب مطالبة مثله ، فأما هو في نفسه فقائم ، فإذا هلك يتقرر الاستيفاء الأول فانتقض الاستيفاء الثاني .

التالي السابق


( قوله ووجه الفرق أن بالإبراء يسقط الدين أصلا كما ذكرناه ، وبالاستيفاء لا يسقط لقيام الموجب ، إلا أنه يتعذر الاستيفاء لعدم الفائدة ; لأنه يعقب مطالبة مثله ، فإذا هلك يتقرر الاستيفاء الأول فانتقض الاستيفاء الثاني ) المراد بالاستيفاء الأول هو الاستيفاء الحكمي ، وبالاستيفاء الثاني هو الاستيفاء الحقيقي ، كذا في عامة الشروح

أقول : [ ص: 202 ] ها هنا نوع إشكال ، وهو أن الاستيفاء الحكمي الذي ثبت للمرتهن بقبض الرهن إما أن ينتقض باستيفائه الدين حقيقة بإيفاء الراهن أو بإيفاء متطوع قبل هلاك الرهن ، أو لم ينتقض بل بقي على حاله ، فإن انتقض لم يتم قوله ، فإذا هلك يتقرر الاستيفاء الأول ; إذ قد تقرر عندهم أن المنتقض لا يعود وقد مر في الكتاب غير مرة ، وإن لم ينتقض بل بقي على حاله يلزم أن يتكرر الاستيفاء عند استيفائه الدين بإيفاء الراهن أو بإيفاء متطوع ، وتكرره مؤد إلى الربا ، فاسد كما مر أيضا غير مرة

ويمكن أن يجاب عنه بأنه غير منتقض بل باق على حاله ، ولكنه في قوة الزوال والانتقاض برد المرتهن الرهن على الراهن سيما إذا وجب الرد عليه عند تحقق الاستيفاء الحقيقي كما فيما نحن فيه ، فكأن الاستيفاء لم يتكرر عند الاستيفاء الحقيقي ما لم يتقرر الاستيفاء الحكمي بهلاك الرهن في يد المرتهن فلم يجعل فاسدا ، هذا غاية ما يمكن في التقصي عن ذلك الإشكال وإن كان لا يخلو عن نوع تكلف




الخدمات العلمية