قال ( تعليم الكلب أن يترك الأكل ثلاث مرات ، وتعليم البازي أن يرجع ويجيب دعوته ) وهو مأثور عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولأن بدن البازي لا يحتمل الضرب ، وبدن الكلب يحتمله فيضرب ليتركه ، ولأن آية التعليم ترك ما هو مألوفه عادة ، والبازي متوحش متنفر فكانت الإجابة آية تعليمه
وأما الكلب فهو مألوف يعتاد الانتهاب [ ص: 116 ] فكان آية تعليمه ترك مألوفه وهو الأكل والاستلاب
ثم شرط ترك الأكل ثلاثا وهذا عندهما وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله ; لأن فيما دونه مزيد الاحتمال فلعله تركه مرة أو مرتين شبعا ، فإذا تركه ثلاثا دل على أنه صار عادة له ، وهذا ; لأن الثلاث مدة ضربت للاختبار وإبلاء الأعذار كما في مدة الخيار
وفي بعض قصص الأخيار : ولأن الكثير هو الذي يقع أمارة على العلم دون القليل ، والجمع هو الكثير وأدناه الثلاث فقدر بها
وعند أبي حنيفة على ما ذكر في الأصل : لا يثبت التعليم ما لم يغلب على ظن الصائد أنه معلم ، ولا يقدر بالثلاث ; لأن المقادير لا تعرف اجتهادا بل نصا وسماعا ولا سمع فيفوض إلى رأي المبتلى به كما هو أصله في جنسها
وعلى الرواية الأولى عنده يحل ما اصطاده ثالثا
وعندهما لا يحل ; لأنه إنما يصير معلما
بعد تمام الثلاث وقبل التعليم غير معلم ، فكان الثالث صيد كلب جاهل وصار كالتصرف المباشر في سكوت المولى
وله أنه آية تعليمه عنده فكان هذا صيد جارحة معلمة ، بخلاف تلك المسألة ; لأن الإذن إعلام ولا يتحقق دون علم العبد وذلك بعد المباشرة .


