ولو أوصى بغلة عبده أو بغلة داره  يجوز أيضا لأنه بدل المنفعة فأخذ حكم المنفعة في جواز الوصية به ، كيف وأنه عين حقيقة لأنه دراهم أو دنانير فكان بالجواز أولى ، ولو لم يكن له مال غيره كان له ثلث غلة تلك السنة لأنه عين مال يحتمل القسمة بالأجزاء ، فلو أراد الموصى له قسمة الدار بينه وبين الورثة ليكون هو الذي يستغل ثلثها لم يكن له ذلك إلا في رواية عن  أبي يوسف  فإنه يقول : الموصى له شريك الوارث وللشريك ذلك ، فكذلك للموصى له ، إلا أن نقول : المطالبة بالقسمة تبتنى على ثبوت الحق للموصى له فيما يلاقيه القسمة إذ هو المطالب ، ولا حق له في عين الدار ، وإنما حقه في الغلة فلا يملك المطالبة بقسمة الدار ، ولو أوصى له بخدمة عبده ولآخر برقبته وهو يخرج من الثلث  فالرقبة لصاحب الرقبة والخدمة عليها لصاحب الخدمة ، لأنه أوجب لكل واحد منهما شيئا معلوما عطفا منه لأحدهما على الآخر فتعتبر هذه الحالة بحالة الانفراد . 
 [ ص: 489 ] ثم لما صحت الوصية لصاحب الخدمة ، فلو لم يوص في الرقبة ميراثا للورثة مع كون الخدمة للموصى له ، فكذا إذا أوصى بالرقبة لإنسان آخر ، إذ الوصية أخت الميراث من حيث إن الملك يثبت فيهما بعد الموت . ولها نظائر ، وهو ما إذا أوصى بأمة لرجل وبما في بطنها لآخر وهي تخرج من الثلث  ، أو أوصى لرجل بخاتم ولآخر بفصه ، أو قال هذه القوصرة لفلان وما فيها من التمر لفلان  كان كما أوصى ، ولا شيء لصاحب الظرف في المظروف في هذه المسائل كلها ، أما إذا فصل أحد الإيجابين عن الآخر فيها فكذلك الجواب عند  أبي يوسف    . 
وعلى قول  محمد  الأمة للموصى له بها والولد بينهما نصفان ، وكذلك في أخواتها .  لأبي يوسف  أن بإيجابه في الكلام الثاني تبين أن مراده من الكلام الأول إيجاب الأمة للموصى له بها دون الولد ، وهذا البيان منه صحيح وإن كان مفصولا لأن الوصية لا تلزم شيئا في حال حياة الموصي فكان البيان المفصول فيه والموصول سواء  [ ص: 490 ] كما في وصية الرقبة والخدمة .  ولمحمد  أن اسم الخاتم يتناول الحلقة والفص . وكذلك اسم الجارية يتناولها وما في بطنها . واسم القوصرة كذلك ، ومن أصلنا أن العام الذي موجبه ثبوت الحكم على سبيل الإحاطة بمنزلة الخاص فقد اجتمع في الفص وصيتان وكل منهما وصية بإيجاب على حدة فيجعل الفص بينهما نصفين ، ولا يكون إيجاب الوصية فيه للثاني رجوعا عن الأول ، كما إذا أوصى للثاني بالخاتم ، بخلاف الخدمة مع الرقبة لأن اسم الرقبة لا يتناول الخدمة وإنما يستخدمه الموصى له بحكم أن المنفعة حصلت على ملكه ، فإذا أوجب الخدمة لغيره لا يبقى للموصى له فيه حق ، بخلاف ما إذا كان الكلام موصولا لأن ذلك دليل التخصيص والاستثناء ، فتبين أنه أوجب لصاحب الخاتم الحلقة خاصة دون الفص . 
     	
		
				
						
						
