الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2689 59 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا همام عن إسحاق بن عبد الله عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يدخل بيتا بالمدينة غير بيت أم سليم إلا على أزواجه فقيل له ، فقال : إني أرحمها قتل أخوها معي .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قيل : لا مطابقته لجزء الترجمة ، وهو قوله : " أو خلفه بخير " لأن ذلك أعم من أن يكون في حياته أو بعد موته ، ففيه أنه - صلى الله عليه وسلم - خلفه في أهله بخير بعد وفاة أخي أم سليم ، وذلك من حسن عهده - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                  قلت : لا يخلو عن بعض التكلف ، ولكن له وجه أقرب من هذا ، وهو أن تجهيز الغازي ونظره في أهله من غاية الإكرام للغازي ، وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك حتى إنه أكرمه بعد موته ، حيث كان يدخل بيت أم سليم لأجل قتل أخيها وهو غاز ، فكأنه ينبه بهذا على أن إكرام أهل الغازي الميت مرغوب فيه مع الأجر ، فإذا كان في إكرام أهل الغازي الميت هكذا ، ففي إكرام الغازي الحي بطريق الأولى .

                                                                                                                                                                                  وموسى هو ابن إسماعيل ، وهمام بالتشديد ابن يحيى الشيباني ، وإسحاق هو ابن عبد الله بن أبي طلحة .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن حسن الحلواني عن عمرو بن عاصم .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه : قوله : " عن إسحاق بن عبد الله " وفي رواية مسلم عن همام ، أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، وعند الإسماعيلي من طريق حسان بن هلال عن همام حدثنا إسحاق ، قوله : " لم يكن يدخل بيتا بالمدينة غير بيت أم سليم " قال الحميدي : لعله أراد على الدوام ، وإلا فقد تقدم أنه كان يدخل على أم حرام ، وقال ابن التين : يريد أنه كان يكثر الدخول على أم سليم ، وإلا فقد دخل على أختها أم حرام ، ولعل أم سليم كانت شقيقة المقتول أو وجدت عليه أكثر من أم حرام ، وأم سليم هي أم أنس ، وقد ذكرنا أن في اسمها اختلافا فقيل سهلة ، وقيل : رميلة ، وقيل : رميثة ، وقيل : مليكة ، ويقال : الغميصاء والرميصاء ، وأما أم حرام فقد قال أبو عمر : لا أقف لها على اسم صحيح ، قوله : " إني أرحمها " إلى آخره ، قال الكرماني : كيف صار قتل الأخ سببا للدخول على الأجنبية ؟ قلت : لم تكن أجنبية كانت خالة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرضاع ، وقيل : من النسب ، فالمحرمية كانت سببا لجواز الدخول ، وقال بعضهم : العلة المذكورة في الحديث أولى من غيره ، وأشار به إلى ما قاله الكرماني . قلت : لم يبين في وجه الأولوية ما هو ، قوله : " قتل أخوها معي " أخوها هو حرام بن ملحان ، قتل يوم بئر معونة ، والمراد بقوله "معي" ، أي : مع عسكري أو معي نصرة للدين ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في غزوة بئر معونة ، وستأتي قصتها في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية