الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2691 61 - حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر - رضي الله عنه - قال : : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : من يأتيني بخبر القوم يوم الأحزاب ؟ قال الزبير : أنا ، ثم قال : من يأتيني بخبر القوم ؟ قال الزبير : أنا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ; لأن قوله عليه الصلاة والسلام - : من يأتيني بخبر القوم ، انتداب لأحد يأتيه بخبر العدو ، فانتدب له الزبير ، فاستحق الفضل بذلك .

                                                                                                                                                                                  وأبو نعيم الفضل بن دكين ، وسفيان هو الثوري .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن محمد بن كثير ، وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي كريب وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن وكيع ، وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمود بن غيلان ، وأخرجه النسائي فيه ، وفي السير عن قاسم بن زكريا ، وأخرجه ابن ماجه في السنة عن علي بن محمد عن وكيع .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه : قوله : " من يأتيني بخبر القوم " أراد بهم بني قريظة من اليهود ، وعند النسائي قال وهب بن كيسان : أشهد لسمعت جابرا يقول : لما اشتد الأمر يوم بني قريظة من اليهود قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من يأتينا بخبرهم" فلم يذهب أحد فذهب الزبير فجاء بخبرهم ، ثم اشتد الأمر أيضا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من يأتينا بخبرهم" فلم يذهب أحد فذهب الزبير فجاء بخبرهم ، ثم اشتد الأمر أيضا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن لكل نبي حواري ، وإن الزبير حواري " ، وعند ابن أبي عاصم من حديث وهب بن كيسان عن جابر لما كان يوم الخندق واشتد الأمر قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ألا رجل يأتي بني قريظة فيأتينا بخبرهم" فانطلق الزبير فجاء بخبرهم ، ثم اشتد الأمر ، فقال : "ألا رجل ينطلق إلى بني قريظة" الحديث ، وفي لفظ ثلاث مرات ، فلما رجع جمع له أبويه ، قوله : " يوم الأحزاب " هو يوم الخندق ، والأحزاب كانوا من قريش وغيرهم ، وكان بنو قريظة نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين المسلمين ووافقوا قريشا على حرب المسلمين .

                                                                                                                                                                                  قوله : " حواريا " أي : أي خاصة من الصحابة ، وقال الترمذي : الحواري الناصر ، ومنه الحواريون من أصحاب المسيح عليه الصلاة والسلام ، أي : خلصاؤه وأنصاره وأصله من التحوير ، وهو التبييض ، وقيل : إنهم كانوا قصارين يحورون الثياب ، أي : يبيضونها ، ومنه الخبز الحواري الذي نخل مرة بعد مرة ، وقال الأزهري : الحواريون خلصاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : الحواري الوزير ، إذا أضيف الحواري إلى ياء المتكلم تحذف الياء وحينئذ ضبطه جماعة ، بفتح الياء وأكثرهم بكسرها ، قالوا : والقياس الكسر لكنهم حين استثقلوا الكسرة وثلاث ياءات حذفوا ياء المتكلم وأبدلوا من الكسرة فتحة ، وقد قرئ في الشواذ "إن ولي الله" بالفتح .

                                                                                                                                                                                  وفي ( التوضيح ) : اعلم أنه وقع هنا ما ذكرناه أراد به من أن الذي توجه إلى كشف بني قريظة الزبير بن العوام - رضي الله عنه - والمشهور كما قاله شيخنا فتح الدين اليعمري أن الذي توجه ليأتي بخبر القوم حذيفة بن اليمان ، كما روينا عنه من طريق ابن إسحاق وغيره قال يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم - : "من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع" فشرط له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجعة "أسأل الله أن يجعله رفيقي في الجنة" فما قام رجل من شدة الخوف والجزع والبرد ، فلما لم يقم أحد دعاني ، فقال : يا حذيفة اذهب وادخل في القوم ، وذكر الحديث ، وذكر ابن عيينة وغيره خروج حذيفة إلى المشركين ومشقة ذلك عليه إلى أن [ ص: 142 ] قال عليه الصلاة والسلام : "قم يحفظك الله من أمامك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك حتى ترجع إلينا" فقام حذيفة مستبشرا بدعاء رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - كأنه احتمل احتمالا فما شق عليه شيء مما كان فيه ، والله أعلم بحقيقة الحال .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية