الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2779 148 - حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب ، قال : حدثنا أبو الزناد ، أن عبد الرحمن قال : قال أبو هريرة رضي الله عنه : قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن دوسا عصت وأبت فادع الله عليها ، فقيل : هلكت دوس ، قال : اللهم اهد دوسا وات بهم .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 208 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 208 ] مطابقته للترجمة في قوله : " اللهم اهد دوسا وائت بهم " .

                                                                                                                                                                                  وأبو اليمان الحكم بن نافع ، وشعيب بن أبي حمزة ، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان ، وعبد الرحمن هو ابن هرمز الأعرج .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( قدم طفيل بن عمرو ) بضم الطاء وفتح الفاء ابن طريف بن العاصي بن ثعلبة بن سليم بن غنم بن دوس الدوسي ، من دوس ، أسلم وصدق النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، ثم رجع إلى بلاد قومه من أرض دوس فلم يزل مقيما بها حتى هاجر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بمن تبعه من قومه فلم يزل مقيما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض صلى الله عليه وسلم ثم كان مع المسلمين حتى قتل باليمامة شهيدا ، وروى إبراهيم بن سعد عن ابن عباس قال : قتل الطفيل بن عمرو الدوسي عام اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب ، وقال أيضا : كان الطفيل بن عمرو الدوسي يقال له ذو النور ، ثم ذكر بإسناده إلى هشام الكلبي أنه إنما سمي بذلك لأنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن دوسا قد غلب عليهم الزنا فادع الله عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اهد دوسا " ثم قال : يا رسول الله ، ابعثني إليهم واجعل لي آية يهتدون بها ، فقال : " اللهم نور له " فسطع نور بين عينيه ، فقال : يا رب أخاف أن يقولوا مثلة ، فتحولت إلى طرف سوطه فكانت تضيء في الليلة المظلمة ، فسمي ذو النور ، وقوله : ( قدم الطفيل وأصحابه ) هذا قدومه الثاني مع أصحابه ورسول الله عليه السلام بخيبر كما ذكرنا وكان أصحابه ثمانين أو تسعين وهم الذين قدموا معه وهم أهل بيت من دوس ، قوله : ( إن دوسا قد عصت ) أي على الله تعالى ولم تسمع من كلام الطفيل حين دعاهم إلى الإسلام ، وأبت من سماع كلامه ، وقال الطفيل : يا رسول الله ، غلب على دوس الزنا والربا فادع الله عليهم بالهلاك ، فقال صلى الله عليه وسلم : " اللهم اهد دوسا وائت بهم " أي مسلمين ، أو كناية عن الإسلام ، وقال الكرماني : هم طلبوا الدعاء عليهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لهم ، وذلك من كمال خلقه العظيم ورحمته على العالمين ، قلت : لا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ومع هذا كان يحب دخول الناس في الإسلام ، فكان لا يعجل بالدعاء عليهم ما دام يطمع في إجابتهم إلى الإسلام بل كان يدعو لمن يرجو منه الإنابة ومن لا يرجوه ويخشى ضرره وشوكته يدعو عليه كما دعا على قريش كما مر ، ودوس هو ابن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد ، وينسب إليه الدوسي ، قال الرشاطي : الدوسي في الأزد ينسب إلى دوس فذكر نسبه مثل ما ذكرنا ، فإن قلت : كيف انصرف دوس وفيه علتان العلمية والتأنيث ؟ قلت : قد علم أن سكون حشوه يقاوم أحد السببين فيبقى على علة واحدة كما في هند ودعد .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية