الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3589 288 - حدثنا أحمد بن يعقوب، حدثنا ابن الغسيل، سمعت عكرمة يقول: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه ملحفة متعطفا بها على منكبيه، وعليه عصابة دسماء، حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أما بعد، -أيها الناس- فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم "

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في آخر الحديث، وأحمد بن يعقوب أبو يعقوب المسعودي الكوفي وهو من أفراده، وابن الغسيل هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في كتاب صلاة الجمعة في باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد، فإنه أخرجه هناك عن إسماعيل بن أبان، عن ابن الغسيل.

                                                                                                                                                                                  قوله: " خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- " أي: من البيت إلى المسجد. قوله: " وعليه " الواو فيه للحال. قوله: " متعطفا " نصب على الحال أي: مرتديا والعطاف الرداء. قوله: " بها " أي: بالملحفة. قوله: " وعليه " الواو فيه أيضا للحال. قوله: " عصابة دسماء " العصابة بالكسر ما يعصب به الرأس من عمامة أو منديل أو خرقة، والدسماء السوداء، ومنه الحديث الآخر: " خرج وقد عصب رأسه بعصابة دسمة " وقال الداودي: الدسماء الوسخة من العرق والغبار. قوله: " فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار " لأن الأنصار هم الذين سمعوا رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - ونصروه، وهذا أمر قد انقضى زمانه لا يلحقهم اللاحق ولا يدرك شأوهم السابق، وكلما مضى منهم أحد مضى من غير بدل، فيكثر غيرهم ويقلون. قوله: " حتى يكونوا كالملح في الطعام " يعني من القلة، ووجه التشبيه بين الأنصار والملح هو أن الملح جزء يسير من الطعام وفيه إصلاحه، فكذلك الأنصار وأولادهم من بعدهم جزء يسير بالنسبة إلى المهاجرين وأولادهم الذين انتشروا في البلاد وملكوا الأقاليم، فلذلك قال صلى الله تعالى عليه وسلم مخاطبا للمهاجرين: " فمن ولي منكم أمرا يضر فيه " - أي: في ذلك الأمر أحدا - أو ينفعه " فليقبل من محسنهم " أي: محسن الأنصار والذين ملكوا من بعد النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - من الخلفاء الراشدين كلهم من المهاجرين، وكذلك من بني أمية ومن بني العباس كلهم من أولاد المهاجرين.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية