الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3260 101 - وحدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي [ ص: 37 ] هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رأى عيسى ابن مريم رجلا يسرق، فقال له: سرقت. قال: كلا والله الذي لا إله إلا هو. فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة.

                                                                                                                                                                                  وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي، وهمام - بتشديد الميم - ابن منبه.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن محمد بن رافع.

                                                                                                                                                                                  قوله: (سرقت)، قال القرطبي: ظاهر هذا أنه خبر جازم عما فعل الرجل من السرقة؛ لأنه رآه أخذ مالا من حرز في خفية. وقيل: يحتمل أن يكون مستفهما له عن تحقيق ذلك، فحذف همزة الاستفهام.

                                                                                                                                                                                  قلت: رأيت في بعض النسخ الصحيحة: " أسرقت " بهمزة الاستفهام، ورد بأنه بعيد مع جزم النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - بأن عيسى رأى رجلا يسرق، وقيل: يحتمل حل الأخذ لهذا الرجل بوجه من الوجوه - ورد بالجزم المذكور.

                                                                                                                                                                                  قوله: (كلا) نفي للسرقة، ثم أكده بقوله: (والله الذي لا إله إلا هو)، هكذا رواية الكشميهني " إلا هو "، وفي رواية غيره: " إلا الله "، وفي رواية ابن طهمان عند النسائي: " قال: لا والذي لا إله إلا هو ".

                                                                                                                                                                                  قوله: (آمنت بالله)؛ أي: صدقت من حلف بالله وكذبت ما ظهر لي من كون الأخذ المذكور سرقة، فإنه يحتمل أن يكون الرجل أخذ ما له فيه حق أو ما أذن له صاحبه في أخذه، أو أخذه ليقلبه وينظر فيه ولم يقصد الغصب والاستيلاء.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وكذبت عيني)، وفي رواية مسلم: وكذبت نفسي. وفي رواية ابن طهمان: وكذبت بصري. وقال ابن التين: قال عيسى ذلك على المبالغة في تصديق الحالف. وقيل: أراد بالتصديق والتكذيب ظاهر الحكم لا باطن الأمر، وإلا فالمشاهدة أعلى اليقين، فكيف يصدق عينه أو يكذب قول المدعي؟

                                                                                                                                                                                  وفيه دليل على درء الحد بالشبهة وعلى منع القضاء بالعلم، والراجح عند المالكية والحنابلة منعه مطلقا، وعند الشافعية جوازه إلا في الحدود.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية