الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبالحقيقة ، فالسفينة في ملتطم الأمواج عند اضطراب الرياح في لجة البحر أحسن حالا ، وأرجى سلامة من النفس المضطربة غيظا إذ في السفينة من يحتال لتسكينها وتدبيرها وينظر لها ويسوسها وأما القلب ، فهو صاحب السفينة ، وقد سقطت حيلته إذا أعماه الغضب ، وأصمه ، ومن آثار هذا الغضب في الظاهر تغير اللون وشدة الرعدة في الأطراف وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام واضطراب الحركة والكلام حتى يظهر الزبد على الأشداق وتحمر الأحداق وتنقلب المناخر ، وتستحيل الخلقة ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته ، واستحالة خلقته ، وقبح باطنه أعظم من قبح ظاهره ، فإن الظاهر عنوان الباطن ، وإنما قبحت صورة الباطن أولا ، ثم انتشر قبحها إلى الظاهر ثانيا ، فتغير الظاهر ثمرة تغير الباطن ، فقس الثمر بالمثمرة ، فهذا أثره في الجسد وأما ، أثره في اللسان ، فانطلاقه بالشتم والفحش من الكلام الذي يستحي منه ذو العقل ويستحي منه قائله عند فتور الغضب وذلك مع تخبط النظم ، واضطراب اللفظ. .

التالي السابق


(وبالحقيقة، فالسفينة) الكائنة (في ملتطم الأمواج عند اضطراب الرياح) واختلافها من الجهات (في لجة البحر) ، أي: وسطه، ومعظمه (أحسن حالا، وأرجى سلامة من النفس المضطربة غيظا) المتغيرة غضبا؛ (إذ في السفينة من يحتال لتسكينها) ، وتعديلها (وتدبيرها) بطي شراعها، أو تثقيل مراسيها، (وينظر لها ويسويها) ، فعسى أن يخف اضطرابها، (وأما القلب، فهو صاحب السفينة، وقد سقطت حيلته) ، وفسد تدبيره (إذ أعماه الغضب، وأصمه، ومن آثار هذا الغضب في الظاهر تغير اللون) إما إلى الاحمرار، أو إلى الكدر، أو إلى الصفرة، (وشدة الرعدة) ، والاضطراب، والرعشان (في الأطراف) كاليد والرجل، (وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام) المعهودين، (واضطراب الحركة والكلام حتى يظهر الزبد على الأشداق) ، أي: أطراف الفم، (وتحمر الأحداق) والوجنات، (وتنقلب المناخر، وتستحيل الخلقة) ، أي: تتغير (ولو رأى الغضبان في حال غضبه) في المرآة (قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته، واستحالة خلقته، وقبح باطنه أعظم من قبح ظاهره، فإن الظاهر عنوان الباطن، وإنما قبحت صورة الباطن أولا، ثم انتشر قبحها الظاهر ثانيا، فتغير الظاهر ثمرة تغير الباطن، فقس المثمر بالثمرة، فهذا أثره في الجسد، أما أثره في اللسان، فانطلاقه بالشتم) واللعن (والفحش) والبذاء (وقبائح الكلام الذي يستحي منه ذوو العقول) السليمة، (ويستحي منه قائله عند فتور الغضب) ، وسكونه فيتعجب من نفسه، (وذلك مع تخبط، واضطراب اللفظ) ، قال مورق العجلي: ما تكلمت في غضب قط بما أندم عليه إذا رضيت .




الخدمات العلمية