الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفرقة أخرى جاوروا بمكة أو المدينة واغتروا بمكة ولم يراقبوا قلوبهم ، ولم يطهروا ظاهرهم وباطنهم فقلوبهم معلقة ببلادهم ملتفتة إلى قول من يعرفه أن : فلانا مجاور بذلك وتراه يتحدى ويقول قد جاورت بمكة كذا كذا سنة وإذا سمع أن ذلك قبيح ترك صريح التحدي ، وأحب أن يعرفه الناس بذلك ثم إنه قد يجاور ويمد عين طمعه إلى أوساخ أموال الناس وإذا جمع من ذلك شيئا شح به وأمسكه لم تسمح نفسه بلقمة يتصدق بها على فقير فيظهر فيه الرياء والبخل والطمع ، وجملة من المهلكات كان عنها بمعزل لو ترك المجاورة ، ولكن حب المحمدة وأن يقال : إنه من المجاورين ، ألزمه المجاورة مع التضمخ بهذه الرذائل فهو أيضا مغرور ، وما من عمل من الأعمال ، وعبادة من العبادات إلا وفيها آفات فمن لم يعرف مداخل آفاتها واعتمد عليها فهو مغرور ، ولا يعرف شرح ذلك إلا من جملة كتب إحياء علوم الدين فيعرف مداخل الغرور في الصلاة من كتاب الصلاة وفي ، الحج من كتاب الحج والزكاة والتلاوة وسائر ، القربات من الكتب التي رتبناها فيها وإنما الغرض الآن الإشارة إلى مجامع ما سبق في الكتب .

التالي السابق


(وفرقة أخرى جاوروا بمكة أو المدينة) شرفهما الله تعالى (واغتروا بذلك، ولو يراقبوا قلوبهم، ولم يطهروا ظاهرهم وباطنهم) ، تراهم (فقلوبهم معلقة ببلادهم) لا تنفك عن خيالهم مع تمنيهم أن يكونوا بها، فيعدون لذلك تلك الأيام عدا (ملتفتة إلى قول من يعرفه: إن فلانا مجاور بمكة) أو بالمدينة، (وتراه يتحدث) مع الناس، ويقول: (قد جاورت بمكة) أو بالمدينة (كذا كذا سنة) ، وحضرت بها كذا وكذا موسما، ولقيت بها فلانا وفلانا .

(وإذا سمع أن ذلك قبيح ترك صريح التحدث، وأحب) في باطنه (أن يعرفه الناس بذلك) ، وهو غرور، (ثم إنه يجاور) بهما (ويمد عين طمعه إلى أوساخ أموال الناس) من الصدقات التي تفرق هناك ، (فإذا جمع من ذلك شيئا شح عليه وأمسكه) بخلا، (ولم تسمح نفسه) بلقمة واحدة (يتصدق بها على) فقراء أهله، (فيظهر فيه الرياء والبخل والطمع، وجملة من المهلكات كان) هو (عنها بمعزل لو ترك المجاورة، ولكن حب المحمدة) ، والثناء (وأن يقال: إنه من المجاورين، ألزمه المجاورة مع [ ص: 476 ] التضمخ بهذه الرذائل) والخبائث، (فهو أيضا مغرور، وما من عمل من الأعمال، وعبادة من العبادات إلا وفيها آفات) ظاهرة وباطنة، (فمن لم يعرف مداخل آفاتها واعتمد عليها فهو مغرور، ولا يعرف شرح ذلك إلا من جملة كتاب إحياء علوم الدين) ، وهو هذا الكتاب (فيعرف مداخل الغرور في الصلاة من كتاب الصلاة، و) مداخله (في الحج) والزكاة، والتلاوة في كتاب (الحج، و) في كتاب (الزكاة، و) في كتاب (التلاوة، و) كذا (سائر القربات من الكتب التي رتبناها فيها) بحسب المناسبات على وجه التصريح .

(وإنما الغرض الآن الإشارة إلى مجامع ما سبق في الكتب) على طريق التلويح .




الخدمات العلمية