الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السبب السابع : خبث النفس ، وشحها بالخير لعباد الله تعالى ; فإنك تجد من لا يشتغل برياسة ، وتكبر ، ولا طلب مال ، إذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله تعالى ، فيما أنعم الله به عليه يشق ذلك عليه وإذا وصف له اضطراب أمور الناس ، وإدبارهم ، وفوات مقاصدهم ، وتنغص عيشهم فرح به ، فهو أبدا يحب الإدبار لغيره ، ويبخل بنعمة الله على عباده ، كأنهم يأخذون ذلك من ملكه وخزانته ، ويقال : البخيل من يبخل بمال نفسه ، والشحيح هو الذي يبخل بمال غيره فهذا يبخل بنعمة الله تعالى على عباده الذين ليس بينه وبينهم عداوة ، ولا رابطة هذا ، ليس له سبب ظاهر إلا خبث في النفس ، ورذالة في الطبع ، عليه وقعت الجبلة ومعالجته شديدة ; لأن الحسد الثابت بسائر الأسباب أسبابه عارضة يتصور زوالها فيطمع في إزالتها وهذا خبث في الجبلة ، لا عن سبب عارض ، فتعسر إزالته ; إذ يستحيل في العادة إزالته . فهذه هي أسباب الحسد ، وقد يجتمع بعض هذه الأسباب ، أو أكثرها ، أو جميعها في شخص واحد ، فيعظم فيه الحسد بذلك ، ويقوى قوة لا يقدر معها على الإخفاء ، والمجاملة ، بل ينتهك حجاب المجاملة وتظهر العداوة بالمكاشفة .

وأكثر المحاسدات تجتمع فيها جملة من هذه الأسباب ، وقلما يتجرد سبب واحد منها .

التالي السابق


(السبب السابع: خبث النفس، وشحها بالخير على عباد الله; فإنك تجد من لا يشتغل برياسة، وتكبر، ولا طلب مال، إذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله، فيما أنعم الله به عليه شق عليه ذلك) ، وساءه (وإذا وصف له اضطراب أمور الناس، وإدبارهم، وفوات مقاصدهم، وتنغص عيشهم) ، أي: تكدره بسبب من الأسباب (فرح به، فهو أبدا يحب الإدبار لغيره، ويبخل بنعمة الله على عباده، كأنهم يأخذون ذلك من ملكه، وخزائنه، ويقال: البخيل من يبخل بمال نفسه، والشحيح من يبخل بمال غيره) ، وقيل: البخيل هو الذي يمنع الواجب مع حرص، وقيل: البخيل من يبخل على عياله دون نفسه، والشحيح من يبخل على نفسه، وعياله، وقيل غير ذلك، (فهذا يبخل بنعمة الله على عباده الذين ليس بينهم وبينه عداوة، ولا رابطة، وهذا ليس له سبب ظاهر إلا خبث في النفس، ورذالة في الطبع، عليه وقعت الجبلة) ، والفطرة الأصلية، (ومعالجته شديدة; لأن الحسد الثابت بسائر الأسباب أسبابه عارضة يتصور زوالها فيطمع في إزالتها) بالمعالجات (وهذا خبث في الجبلة، لا عن سبب عارض، فتعسر إزالته; إذ يستحيل في العادة إزالته .

فهذه هي أسباب الحسد، وقد يجتمع بعض هذه الأسباب، أو أكثرها، أو جميعها في شخص واحد، فيعظم فيه الحسد لذلك، ويقوى قوة لا يقوى معها على الأخطاء، والمجاملة، بل ينتهك حجاب المجاملة) لقوة تلك الأسباب (وتظهر العداوة بالمكاشفة) ، أي: المجاهرة .

(وأكثر المحاسدات) التي بين الناس (تجتمع فيه جملة من هذه الأسباب، وقلما يتجرد سبب واحد منها) لأن بعضها يجر بعضا .




الخدمات العلمية