وقد علم أن جمع المال خير للأمة فقد غشهم بزعمك حين نهاهم عن جمع المال ، كذبت ورب السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد كان للأمة ناصحا وعليهم مشفقا ، وبهم رءوفا . 
، ومتى زعمت أن جمع المال أفضل فقد زعمت أن الله عز وجل لم ينظر لعباده حين نهاهم عن جمع المال  وقد علم أن جمع المال خير لهم ، أو زعمت أن الله تعالى لم يعلم أن الفضل في الجمع ؛ فلذلك نهاهم عنه ، وأنت عليم بما في المال من الخير والفضل فلذلك . ؛ رغبت في الاستكثار ، كأنك أعلم بموضع الخير والفضل من ربك ، تعالى الله عن جهلك أيها المفتون ، تدبر بعقلك ما دهاك به الشيطان حين زين لك الاحتجاج بمال الصحابة ، ويحك ! ما ينفعك الاحتجاج بمال عبد الرحمن بن عوف وقد ود  عبد الرحمن بن عوف  في القيامة أنه لم يؤت من الدنيا إلا قوتا . 
وقد بلغني أنه لما توفي  عبد الرحمن بن عوف  رضي الله عنه قال أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا نخاف على عبد الرحمن  فيما ترك فقال كعب سبحان الله ، وما تخافون على عبد الرحمن ؟!  كسب طيبا  وأنفق طيبا وترك طيبا فبلغ ذلك أبا ذر فخرج مغضبا يريد كعبا ،  فمر بعظم لحي بعير فأخذه بيده ، ثم انطلق يريد كعبا ،  فقيل لكعب   : 
إن  أبا ذر  يطلبك ، فخرج هاربا حتى دخل على  عثمان  يستغيث به ، وأخبره الخبر وأقبل ،  أبو ذر  يقص الأثر في طلب كعب  حتى انتهى إلى دار  عثمان  فلما دخل قام كعب  فجلس خلف  عثمان  هاربا من  أبي ذر ،  فقال له  أبو ذر :  هيه يا ابن اليهودية ، تزعم أن لا بأس بما ترك  عبد الرحمن بن عوف  ولقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما نحو أحد  وأنا معه ، فقال : يا  أبا ذر ،  فقلت : لبيك يا رسول الله ، فقال : الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال هكذا وهكذا عن يمينه وشماله ، وقدامه وخلفه ، وقليل ما هم . ثم قال : يا  أبا ذر ،  قلت : نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، قال : ما يسرني أن لي مثل أحد أنفقه في سبيل الله أموت يوم أموت وأترك منه قيراطين ، قلت : أو قنطارين يا رسول الله ، قال : بل قيراطان . ثم قال : يا  أبا ذر ،  أنت تريد الأكثر وأنا أريد الأقل ، فرسول الله يريد هذا ، وأنت تقول يا ابن اليهودية : لا بأس بما ترك  عبد الرحمن بن عوف ؟ ،  كذبت وكذب من قال » فلم يرد عليه خوفا حتى ، خرج . 
     	
		
				
						
						
