والأعمال الصادرة عن خلق الكبر كثيرة، وهي أكثر من أن تحصى، فلا حاجة إلى تعدادها؛ فإنها مشهورة، فهذا هو الكبر، وآفته عظيمة، وغائلته هائلة، وفيه يهلك الخواص من الخلق، وقلما ينفك عنه العباد والزهاد والعلماء، فضلا عن عوام الناس، وكيف لا تعظم آفته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: « لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر » وإنما صار حجابا دون الجنة ؛ لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين كلها ، وتلك الأخلاق هي أبواب الجنة والكبر وعزة النفس يغلق تلك الأبواب كلها ؛ لأنه لا يقدر على أن يحب المؤمنين ما يحب لنفسه وفيه شيء من العز ولا يقدر على التواضع وهو رأس أخلاق المتقين وفيه العز ولا يقدر على ترك الحقد وفيه العز ، ولا يقدر أن يدوم على الصدق وفيه العز ولا يقدر على ترك الغضب وفيه العز ولا يقدر على كظم الغيظ وفيه العز ، ولا يقدر على ترك الحسد وفيه العز ولا يقدر على النصح اللطيف وفيه العز ولا يقدر على قبول النصح وفيه العز ، ولا يسلم من الازدراء بالناس ومن اغتيابهم وفيه العز ، ولا معنى للتطويل فما من خلق ذميم إلا وصاحب العز والكبر مضطر إليه ؛ ليحفظ عزه ، وما من خلق محمود إلا وهو عاجز عنه ؛ خوفا من أن يفوته عزه ، فمن هذا لم يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة منه .


