وبالجملة
nindex.php?page=treesubj&link=30961فمجامع حسن الأخلاق والتواضع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فيه فينبغي أن يقتدى به ، ومنه ينبغي أن يتعلم .
وقد قال أبو سلمة قلت
nindex.php?page=showalam&ids=44لأبي سعيد الخدري ما ترى فيما أحدث الناس من الملبس والمشرب والمركب والمطعم ؟ فقال : يا ابن أخي ،
nindex.php?page=treesubj&link=30515_30513كل لله ، واشرب لله ، والبس لله ، وكل شيء من ذلك دخله زهو أو مباهاة أو رياء ، أو سمعة ، فهو معصية وسرف ، وعالج في بيتك من الخدمة ما كان يعالج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ، كان يعلف الناضح ويعقل البعير ويقم البيت ويحلب الشاة ، ويخصف النعل ، ويرقع الثوب ويأكل مع خادمه ويطحن عنه إذا أعيا ويشتري الشيء من السوق ، ولا يمنعه الحياء أن يلعقه بيده ، أو يجعله في طرف ثوبه ، وينقلب إلى أهله ، يصافح الغني والفقير ، والكبير والصغير ، ويسلم مبتدئا على كل من استقبله من صغير أو كبير ، أسود أو أحمر ، حر أو عبد ، من أهل الصلاة ، ليست له حلة لمدخله وحلة لمخرجه لا يستحي من أن يجيب إذا دعي ، وإن كان أشعث أغبر ولا يحقر ما دعي إليه وإن لم يجد إلا حشف الدقل لا يرفع غداء لعشاء ولا عشاء لغداء هين المؤنة .
لين الخلق ، كريم الطبيعة ، جميل المعاشرة ، طليق الوجه ، بسام من غير ضحك محزون من غير عبوس ، شديد في غير عنف ، متواضع في غير مذلة ، جواد من غير سرف ، رحيم لكل ذي قربى ومسلم ، رقيق القلب ، دائم الإطراق لم يبشم قط من شبع ولا ، يمد يده من طمع . قال أبو سلمة فدخلت على
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها فحدثتها بما قال أبو سعيد في زهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ما أخطأ منه حرفا ، ولقد قصر ؛ إذ ما أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمتلئ قط شبعا ، ولم يبث إلى أحد شكوى ، وإن كانت الفاقة لأحب إليه من اليسار والغنى ، وإن كان ليظل جائعا يلتوي ليلته حتى يصبح ، فما يمنعه ذلك عن صيام يومه ، ولو شاء أن يسأل ربه ، فيؤتى بكنوز الأرض وثمارها ورغد عيشها من مشارق الأرض ومغاربها لفعل وربما بكيت رحمة له مما أوتي من الجوع ، فأمسح بطنه بيدي ، وأقول : نفسي لك الفداء لو تبلغت من الدنيا بقدر ما يقوتك ويمنعك من الجوع ، فيقول : يا
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة إخواني من أولي العزم من الرسل قد صبروا على ما هو أشد من هذا ، فمضوا على حالهم ، وقدموا على ربهم ، فأكرم مآبهم وأجزل ثوابهم ، فأجدني أستحيي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي دونهم ، فأصبر أياما يسيرة أحب إلي من أن ينقص حظي غدا في الآخرة ، وما من شيء أحب إلي من اللحوق بإخواني وأخلائي . قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها فوالله ما استكمل بعد ذلك جمعة حتى قبضه الله عز وجل .
فما نقل من أحواله صلى الله عليه وسلم يجمع جملة أخلاق المتواضعين ، فمن طلب التواضع فليقتد به ومن رأى نفسه فوق محله صلى الله عليه وسلم ولم يرض لنفسه بما رضي هو به فما أشد جهله ! فلقد كان أعظم خلق الله منصبا في الدنيا والدين ، فلا عز ولا رفعة إلا في الاقتداء به ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نطلب العز في غيره لما عوتب في بذاذة هيئته عند دخوله
الشام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء اعلم أن لله عبادا يقال لهم : الأبدال ، خلف من الأنبياء ، هم أوتاد الأرض ، فلما انقضت النبوة أبدل الله مكانهم قوما من أمة
محمد صلى الله عليه وسلم لم يفضلوا الناس بكثرة صوم ولا صلاة ولا حسن حلية ولكن بصدق الورع وحسن النية ، وسلامة الصدر لجميع المسلمين ، والنصيحة لهم ؛ ابتغاء مرضاة الله ، بصبر من غير تجبن ، وتواضع في غير مذلة ، وهم قوم اصطفاهم الله ، واستخلصهم لنفسه ، وهم أربعون صديقا أو ، ثلاثون رجلا قلوبهم على مثل يقين
إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام لا يموت الرجل منهم حتى يكون الله قد أنشأ من يخلفه واعلم يا أخي أنهم لا يلعنون شيئا ولا يؤذونه ، ولا يحقرونه ، ولا يتطاولون عليه ، ولا يحسدون أحدا ولا يحرصون على الدنيا ، هم أطيب الناس خيرا وألينهم عريكة وأسخاهم نفسا ، علامتهم السخاء ، وسجيتهم البشاشة ، وصفتهم السلامة ، ليسوا اليوم في خشية وغدا في غفلة ، ولكن مدامين على حالهم الظاهر ، وهم فيما بينهم وبين ربهم لا تدركهم الرياح العواصف ، ولا الخيل المجراة ، قلوبهم تصعد ارتياحا إلى الله ، واشتياقا إليه ، وقدما في استباق الخيرات ، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون . قال الراوي فقلت : يا
nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء ما سمعت بصفة أشد علي من تلك الصفة وكيف ، لي أن أبلغها فقال : ما بينك وبين أن تكون في أوسعها إلا أن تكون تبغض الدنيا ؛ فإنك إذا بغضت الدنيا أقبلت على حب الآخرة ، وبقدر حبك للآخرة تزهد في الدنيا ، وبقدر ذلك تبصر ما ينفعك ، وإذا علم الله من عبد حسن الطلب أفرغ عليه السداد واكتنفه بالعصمة . واعلم يا ابن أخي أن ذلك في كتاب الله تعالى المنزل :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=128إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون قال
يحيى بن كثير فنظرنا في ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28683فما تلذذ المتلذذون بمثل حب الله وطلب مرضاته .
اللهم اجعلنا من محبي المحبين لك يا رب العالمين فإنه لا يصلح لحبك إلا من ارتضيته وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
.
وَبِالْجُمْلَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=30961فَمَجَامِعُ حُسْنِ الْأَخْلَاقِ وَالتَّوَاضُعِ سِيرَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَدَى بِهِ ، وَمِنْهُ يَنْبَغِي أَنْ يُتَعَلَّمَ .
وَقَدْ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=44لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَا تَرَى فِيمَا أَحْدَثَ النَّاسُ مِنَ الْمَلْبَسِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَرْكَبِ وَالْمَطْعَمِ ؟ فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ،
nindex.php?page=treesubj&link=30515_30513كُلْ لِلَّهِ ، وَاشْرَبْ لِلَّهِ ، وَالْبَسْ لِلَّهِ ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَخَلَهُ زَهْوٌ أَوْ مُبَاهَاةٌ أَوْ رِيَاءٌ ، أَوْ سُمْعَةٌ ، فَهُوَ مَعْصِيَةٌ وَسَرَفٌ ، وَعَالِجْ فِي بَيْتِكَ مِنَ الْخِدْمَةِ مَا كَانَ يُعَالِجُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ ، كَانَ يَعْلِفُ النَّاضِحَ وَيَعْقِلُ الْبَعِيرَ وَيَقُمُّ الْبَيْتَ وَيَحْلِبُ الشَّاةَ ، وَيَخْصِفُ النَّعْلَ ، وَيَرْقَعُ الثَّوْبَ وَيَأْكُلُ مَعَ خَادِمِهِ وَيَطْحَنُ عَنْهُ إِذَا أَعْيَا وَيَشْتَرِي الشَّيْءَ مِنَ السُّوقِ ، وَلَا يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ أَنْ يَلْعَقُهُ بِيَدِهِ ، أَوْ يَجْعَلَهُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ ، وَيَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ ، يُصَافِحُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ ، وَالْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ ، وَيُسَلِّمُ مُبْتَدِئًا عَلَى كُلِّ مَنِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ صَغِيرٍ أَوِ كَبِيرٍ ، أَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ ، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ، مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ ، لَيْسَتْ لَهُ حُلَّةٌ لِمُدْخَلِهِ وَحُلَّةٌ لِمُخْرَجِهِ لَا يَسْتَحِي مِنْ أَنْ يُجِيبَ إِذَا دُعِيَ ، وَإِنْ كَانَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ وَلَا يَحْقِرُ مَا دُعِيَ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا حَشَفَ الدَّقَلِ لَا يَرْفَعُ غَدَاءً لِعَشَاءٍ وَلَا عَشَاءً لِغَدَاءٍ هَيِّنُ الْمُؤْنَةِ .
لَيِّنُ الْخُلُقِ ، كَرِيمُ الطَّبِيعَةِ ، جَمِيلُ الْمُعَاشَرَةِ ، طَلِيقُ الْوَجْهِ ، بَسَّامٌ مِنْ غَيْرِ ضَحِكٍ مَحْزُونٌ مِنْ غَيْرِ عَبُوسٍ ، شَدِيدٌ فِي غَيْرِ عُنْفٍ ، مُتَوَاضِعٌ فِي غَيْرِ مَذَلَّةٍ ، جَوَادٌ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ ، رَحِيمٌ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ ، رَقِيقُ الْقَلْبِ ، دَائِمُ الْإِطْرَاقِ لَمْ يَبْشَمُ قَطُّ مِنْ شِبَعٍ وَلَا ، يَمُدَّ يَدَهُ مِنْ طَمَعٍ . قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَدَخَلْتُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَحَدَّثْتُهَا بِمَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فِي زُهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : مَا أَخْطَأَ مِنْهُ حَرْفًا ، وَلَقَدْ قَصَّرَ ؛ إِذْ مَا أَخْبَرَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمْتَلِئْ قَطُّ شِبَعًا ، وَلَمْ يَبُثَّ إِلَى أَحَدٍ شَكْوَى ، وَإِنْ كَانَتِ الْفَاقَةُ لَأَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْيَسَارِ وَالْغِنَى ، وَإِنْ كَانَ لَيَظَلُّ جَائِعًا يَلْتَوِي لَيْلَتَهُ حَتَّى يُصْبِحَ ، فَمَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِهِ ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ ، فَيُؤْتَى بِكُنُوزِ الْأَرْضِ وَثِمَارِهَا وَرَغَدِ عَيْشِهَا مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا لَفَعَلَ وَرُبَّمَا بَكِيتُ رَحْمَةً لَهُ مِمَّا أُوتِيَ مِنَ الْجُوعِ ، فَأَمْسَحُ بَطْنَهُ بِيَدِي ، وَأَقُولُ : نَفْسِي لَكَ الْفِدَاءُ لَوْ تَبَلَّغْتَ مِنَ الدُّنْيَا بِقَدْرِ مَا يُقَوِّتُكَ وَيَمْنَعُكَ مِنَ الْجُوعِ ، فَيَقُولُ : يَا
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ إِخْوَانِي مِنْ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ قَدْ صَبَرُوا عَلَى مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا ، فَمَضُوا عَلَى حَالِهِمْ ، وَقَدِمُوا عَلَى رَبِّهِمْ ، فَأَكْرَمَ مَآبَهُمْ وَأَجْزَلَ ثَوَابَهُمْ ، فَأَجِدُنِي أَسْتَحْيِي إِنْ تَرَفَّهْتُ فِي مَعِيشَتِي أَنْ يُقْصَرَ بِي دُونَهُمْ ، فَأَصْبِرُ أَيَّامًا يَسِيرَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَنْقُصَ حَظِّي غَدًا فِي الْآخِرَةِ ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ اللُّحُوقِ بِإِخْوَانِي وَأَخِلَّائِي . قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَوَاللَّهِ مَا اسْتَكْمَلَ بَعْدَ ذَلِكَ جُمُعَةً حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ .
فَمَا نُقِلَ مِنْ أَحْوَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ جُمْلَةَ أَخْلَاقِ الْمُتَوَاضِعِينَ ، فَمَنْ طَلَبَ التَّوَاضُعَ فَلْيَقْتَدِ بِهِ وَمَنْ رَأَى نَفْسَهُ فَوْقَ مَحَلِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرْضَ لِنَفْسِهِ بِمَا رَضِيَ هُوَ بِهِ فَمَا أَشَدَّ جَهْلَهُ ! فَلَقَدْ كَانَ أَعْظَمَ خَلْقِ اللَّهِ مَنْصِبًا فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ ، فَلَا عِزَّ وَلَا رِفْعَةَ إِلَّا فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَلَنْ نَطْلُبُ الْعِزَّ فِي غَيْرِهِ لَمَّا عُوتِبَ فِي بَذَاذَةِ هَيْئَتِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ
الشَّامَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ اعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يُقَالُ لَهُمُ : الْأَبْدَالُ ، خَلَفٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، هُمْ أَوْتَادُ الْأَرْضِ ، فَلَمَّا انْقَضَتِ النُّبُوَّةُ أَبْدَلَ اللَّهُ مَكَانَهُمْ قَوْمًا مِنْ أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْضُلُوا النَّاسَ بِكَثْرَةِ صَوْمٍ وَلَا صَلَاةٍ وَلَا حُسْنِ حِلْيَةٍ وَلَكِنْ بِصِدْقِ الْوَرَعِ وَحُسْنِ النِّيَّةِ ، وَسَلَامَةِ الصَّدْرِ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَالنَّصِيحَةِ لَهُمُ ؛ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ، بِصَبْرٍ مِنْ غَيْرِ تَجَبُّنٍ ، وَتَوَاضُعٍ فِي غَيْرِ مَذَلَّةٍ ، وَهُمْ قَوْمٌ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ ، وَاسْتَخْلَصَهُمْ لِنَفْسِهِ ، وَهُمْ أَرْبَعُونَ صِدِّيقًا أَوْ ، ثَلَاثُونَ رَجُلًا قُلُوبُهُمْ عَلَى مِثْلِ يَقِينِ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ قَدْ أَنْشَأَ مَنْ يُخْلِفُهُ وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّهُمْ لَا يَلْعَنُونَ شَيْئًا وَلَا يُؤْذُونَهُ ، وَلَا يَحْقِرُونَهُ ، وَلَا يَتَطَاوَلُونَ عَلَيْهِ ، وَلَا يَحْسُدُونَ أَحَدًا وَلَا يَحْرِصُونَ عَلَى الدُّنْيَا ، هُمْ أَطْيَبُ النَّاسِ خَيْرًا وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً وَأَسْخَاهُمْ نَفْسًا ، عَلَامَتُهُمُ السَّخَاءُ ، وَسَجِيَّتُهُمُ الْبَشَّاشَةُ ، وَصِفَتُهُمُ السَّلَامَةُ ، لَيْسُوا الْيَوْمَ فِي خَشْيَةٍ وَغَدًا فِي غَفْلَةٍ ، وَلَكِنْ مُدَامِينَ عَلَى حَالِهِمُ الظَّاهِرِ ، وَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ لَا تُدْرِكُهُمُ الرِّيَاحُ الْعَوَاصِفُ ، وَلَا الْخَيْلُ الْمُجْرَاةُ ، قُلُوبُهُمْ تَصْعَدُ ارْتِيَاحًا إِلَى اللَّهِ ، وَاشْتِيَاقًا إِلَيْهِ ، وَقَدَمًا فِي اسْتِبَاقِ الْخَيْرَاتِ ، أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . قَالَ الرَّاوِي فَقُلْتُ : يَا
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبَا الدَّرْدَاءِ مَا سَمِعْتُ بِصِفَةٍ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ وَكَيْفَ ، لِي أَنْ أَبْلُغَهَا فَقَالَ : مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي أَوْسَعِهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَبْغَضَ الدُّنْيَا ؛ فَإِنَّكَ إِذَا بَغَضْتَ الدُّنْيَا أَقْبَلْتَ عَلَى حُبِّ الْآخِرَةِ ، وَبِقَدْرِ حُبِّكَ لِلْآخِرَةِ تَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا ، وَبِقَدْرِ ذَلِكَ تُبْصِرُ مَا يَنْفَعُكَ ، وَإِذَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ عَبْدٍ حُسْنَ الطَّلَبِ أَفْرَغَ عَلَيْهِ السَّدَادَ وَاكْتَنَفَهُ بِالْعِصْمَةِ . وَاعْلَمْ يَا ابْنَ أَخِي أَنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=128إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ قَالَ
يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28683فَمَا تَلَذَّذَ الْمُتَلَذِّذُونَ بِمِثْلِ حَبِّ اللَّهِ وَطَلَبِ مَرْضَاتِهِ .
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ مُحِبِّي الْمُحِبِّينَ لَكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِحُبِّكَ إِلَّا مَنِ ارْتَضَيْتَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .
.