وفرقة أخرى منهم قنعوا بحفظ كلام الزهاد وأحاديثهم في ذم الدنيا  فهم يحفظون الكلمات على وجهها ويؤدونها من غير إحاطة بمعانيها ، فبعضهم يفعل ذلك على المنابر ، وبعضهم في المحاريب ، وبعضهم في الأسواق مع الجلساء ، وكل منهم يظن أنه إذا تميز هذا القدر عن السوقة والجندية إذ حفظ كلام الزهاد وأهل الدين دونهم فقد أفلح ، ونال الغرض ، وصار مغفورا له ، وأمن عقاب الله من غير أن يحفظ ظاهره وباطنه عن الآثام ، ولكنه يظن أن حفظه لكلام أهل الدين يكفيه . 
وغرور هؤلاء أظهر من غرور من قبلهم . 
     	
		
				
						
						
