وفرقة أخرى جاوزت حد هؤلاء ، واجتنبت الأعمال وطلقت ، الحلال ، واشتغلت بتفقد القلب ، وصار أحدهم فمنهم من يدعي الوجد والحب لله تعالى ، ويزعم أنه واله بالله ولعله قد تخيل في الله خيالات هي بدعة أو كفر فيدعي حب الله قبل معرفته ثم أنه لا يخلو عن مقارفة ما يكره الله عز وجل ، وعن إيثار هوى نفسه على أمر الله ، وعن ترك بعض الأمور حياء من الخلق ، ولو خلا لما تركه حياء من الله تعالى . يدعي المقامات من الزهد ، والتوكل ، والرضا ، والحب من غير وقوف على حقيقة هذه المقامات وشروطها وعلاماتها وآفاتها
، وليس يدري أكل ذلك يناقض الحب وبعضهم ربما يميل إلى القناعة والتوكل فيخوض البوادي من غير زاد ليصحح دعوى التوكل ، وليس يدري أن ذلك بدعة لم تنقل عن السلف والصحابة وقد كانوا أعرف بالتوكل منه ، فما فهموا أن التوكل المخاطرة بالروح ، وترك الزاد ، بل كانوا يأخذون الزاد وهم متوكلون على الله تعالى لا على الزاد ، وهذا ربما يترك الزاد وهو متوكل على سبب من الأسباب واثق به وما من مقام من المقامات المنجيات إلا وفيه غرور ، وقد اغتر به قوم ، وقد ذكرنا مداخل الآفات في ربع المنجيات من الكتاب ، فلا يمكن إعادتها .