فصل : [ القول في بيع المسك في فأرة ] مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " ولا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=4801بيع المسك في فأرة : لأنه مجهول لا يدرى كم وزنه من جلوده ( قال
المزني ) يجوز أن يشتريه إذا رآه بعينه حتى يحيط به علما جزافا " .
قال
الماوردي : أما المسك فطاهر واستعماله حلال وبيعه جائز .
وحكي عن طائفة من
الشيعة أنه نجس لا يحل استعماله ، ولا يجوز بيعه : لأنه دم جامد في جلد حيوان غير مأكول . وهذا قول مردود .
ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعمله ، وأهداه إلى
النجاشي ، وقبله في هدية
المقوقس العجلي .
nindex.php?page=hadith&LINKID=923138قالت عائشة : رأيت وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث . وكل هذا ينفي عن المسك حكم النجاسة والتحريم ، مع الإجماع الظاهر في الخاصة والعامة على استعماله وترك النكير فيه .
فأما قولهم إنه دم جامد فليس كذلك ، وإنما كان دما فاستحال وصار مسكا ، فلم يمنع أن يصير بعد الاستحالة طاهرا كاللبن الذي أخبره الله تعالى عنه بأنه خارج من بين فرث ودم ، ولم يمتنع أن يكون طاهرا وإن خرج من بين نجس . وقولهم : إنه من حيوان غير مأكول ، فعنه جوابان :
أحدهما : أنه مأكول : لأنه من غزال وقد استفاض ذلك حتى قال فيه
المتنبي :
فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال
والثاني : أنه لو كان من غير مأكول لم يمتنع أن يكون طاهرا : لأن العسل طاهر ، وإن خرج من النحل الذي لا يؤكل .
فإذا ثبت أنه طاهر وأن استعماله حلال ، وأن بيعه جائز ، فلا يخلو حاله عند بيعه من أن
[ ص: 335 ] يكون في فأرة ، فإن لم يكن مفتوحا مشاهدا لم يجز بيعه بحال ، وإن كان مفتوحا مشاهدا : فإن باعه جزافا جاز ، وإن باعه وزنا فعلى ضربين :
أحدهما : أن يشترط إنذار ظروفه من الوزن فيجوز بيعه كالسمن في ظروفه .
والثاني : أن يبيعه مع ظروفه ، فالبيع باطل : للجهالة بثمن المسك المقصود .
فصل : فأما الزباد وهو لبن سنوز ، يكون في البحر يحلب لبنا كالمسك ريحا ، واللبن بياضا يستعمله أهل البحر طيبا ، فقد اختلف أصحابنا في طهارته إذا قيل بنجاسة لبن ما لا يؤكل لحمه على وجهين :
أحدهما : أنه نجس اعتبارا بجنسه .
والثاني : أنه طاهر كالمسك : لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157ويحل لهم الطيبات [ الأعراف : 157 ]
والله أعلم .
فَصْلٌ : [ الْقَوْلُ فِي بَيْعِ الْمِسْكِ فِي فَأْرَةٍ ] مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : " وَلَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=4801بَيْعُ الْمِسْكِ فِي فَأْرَةٍ : لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى كَمْ وَزْنُهُ مِنْ جُلُودِهِ ( قَالَ
الْمُزَنِيُّ ) يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إِذَا رَآهُ بِعَيْنِهِ حَتَّى يُحِيطَ بِهِ عِلْمًا جُزَافًا " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : أَمَّا الْمِسْكُ فَطَاهِرٌ وَاسْتِعْمَالُهُ حَلَالٌ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ .
وَحُكِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ
الشِّيعَةِ أَنَّهُ نَجِسٌ لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ : لِأَنَّهُ دَمٌ جَامِدٌ فِي جِلْدِ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَأْكُولٍ . وَهَذَا قَوْلٌ مَرْدُودٌ .
وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ ، وَأَهْدَاهُ إِلَى
النَّجَاشِيِّ ، وَقَبِلَهُ فِي هَدِيَّةِ
الْمُقَوْقَسِ الْعِجْلِيِّ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=923138قَالَتْ عَائِشَةُ : رَأَيْتُ وَبِيصَ الْمِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ . وَكُلُّ هَذَا يَنْفِي عَنِ الْمِسْكِ حُكْمَ النَّجَاسَةِ وَالتَّحْرِيمِ ، مَعَ الْإِجْمَاعِ الظَّاهِرِ فِي الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَتَرْكِ النَّكِيرِ فِيهِ .
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ دَمٌ جَامِدٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا كَانَ دَمًا فَاسْتَحَالَ وَصَارَ مِسْكًا ، فَلَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَصِيرَ بَعْدَ الِاسْتِحَالَةِ طَاهِرًا كَاللَّبَنِ الَّذِي أَخْبَرُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا وَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ نَجِسٍ . وَقَوْلُهُمْ : إِنَّهُ مِنْ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَأْكُولٍ ، فَعَنْهُ جَوَابَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ مَأْكُولٌ : لِأَنَّهُ مِنْ غَزَالٍ وَقَدِ اسْتَفَاضَ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ فِيهِ
الْمُتَنَبِّي :
فَإِنْ تَفِقِ الْأَنَامُ وَأَنْتَ مِنْهُمْ فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا : لِأَنَّ الْعَسَلَ طَاهِرٌ ، وَإِنْ خَرَجَ مِنَ النَّحْلِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ .
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ حَلَالٌ ، وَأَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ ، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ عِنْدَ بَيْعِهِ مِنْ أَنْ
[ ص: 335 ] يَكُونَ فِي فَأْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَفْتُوحًا مُشَاهَدًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِحَالٍ ، وَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا مُشَاهَدًا : فَإِنْ بَاعَهُ جُزَافًا جَازَ ، وَإِنْ بَاعَهُ وَزْنًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَشْتَرِطَ إِنْذَارُ ظُرُوفِهِ مِنَ الْوَزْنِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَالسَّمْنِ فِي ظُرُوفِهِ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَبِيعَهُ مَعَ ظُرُوفِهِ ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ : لِلْجَهَالَةِ بِثَمَنِ الْمِسْكِ الْمَقْصُودِ .
فَصْلٌ : فَأَمَّا الزَّبَادُ وَهُوَ لَبَنُ سِنَّوزٍ ، يَكُونُ فِي الْبَحْرِ يَحْلِبُ لَبَنًا كَالْمِسْكِ رِيحًا ، وَاللَّبَنُ بَيَاضًا يَسْتَعْمِلُهُ أَهْلُ الْبَحْرِ طِيبًا ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي طِهَارَتِهِ إِذَا قِيلَ بِنَجَاسَةِ لَبَنِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ نَجِسٌ اعْتِبَارًا بِجِنْسِهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ طَاهِرٌ كَالْمِسْكِ : لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ [ الْأَعْرَافِ : 157 ]
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .