مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن أراد الذي قامت عليه البينة أن يحلف صاحبه مع بينته لم يكن ذلك له إلا أن يدعي أنه أخرجه إلى ملكه ، فهذه دعوى أخرى فعليه اليمين "
قال الماوردي : أن ، لم يجز إحلافه ، وهو مذهب يشهد شاهدان على رجل ، بدين في ذمته ، أو بملك في يده ، فيسأل المشهود عليه إحلاف المشهود له ، أن ما شهد به شاهداه حق له أبي حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء .
وحكي عن شريح ، والنخعي ، والشعبي ، وابن أبي ليلى : أنهم جوزوا إحلاف المدعي مع بينته ، استعمالا لما أمكن في الاستظهار في الأحكام .
وهذا خطأ لرواية ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " فلم يجعل في جنبة المدعي غير البينة ، فلم يجز إحلافه معها ، وقال صلى الله عليه وسلم للمدعي : " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه شاهداك أو يمينه " . ولأن في إحلافه مع شهادة شهوده قدحا في شهادتهم ، وطعنا في عدالتهم ، وما أفضى إلى القدح في شهادة صحت ، وعدالة ثبتت ، ممنوع منه ، كما يمنع من إحلافه أن ما حكم به الحاكم حق لإفضائه إلى القدح في حكمه ، ولا يجوز الاستظهار بما يمنع منه الشرع ، ولم يرد به .
فإن قيل : فقد جوز الشافعي في الرهن ، إذا أقام البينة على إقرار الراهن ، بإقباضه ، ثم سأل الراهن إحلاف المرتهن على قبضه ، أنه يحلف عليه .
قيل : إن سأل إحلافه على أنه أقر بإقباضه ، لم يجز لشهادة الشهود على إقراره ، وإن سأل إحلافه على أن ما أقر بإقباضه ، كان صحيحا نظر ، فإن كان إقراره بأن وكيله أقبضه أحلف عليه ، لجواز أن يكذبه الوكيل في القبض ، وليس فيه قدح في الشهادة على إقراره ، وإن كان هو الذي أقبضه إياه ، ففي جواز إحلافه على قبضه منه وجهان :
أحدهما : لا يجوز لما فيه من الرجوع عن إقراره .
والثاني : يجوز لأنه قد عرف الإقرار بالتقابض قبل الإقباض ، فصار الإقباض بالعرف محتملا .