الضرب الثاني : ما اختص به من المحرمات  ، وهي قسمان . 
أحدهما : المحرمات في غير النكاح  ، فمنها الزكاة ، وكذا الصدقة على الأظهر . وأما الأكل متكئا ، وأكل الثوم والبصل والكراث ، فكانت مكروهة له - صلى الله عليه وسلم - على الأصح . وقيل : محرمة . ومما عد من المحرمات ، الخط والشعر  ، وإنما يتجه القول بتحريمها ممن يقول : إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحسنهما . وقد اختلف فيه ، فقيل : كان يحسنهما لكنه يمتنع منهما ، والأصح أنه كان لا يحسنهما . 
قلت : ولا يمتنع تحريمهما وإن لم يحسنهما . والمراد تحريم التوصل إليهما . - والله أعلم - . 
وكان يحرم عليه - صلى الله عليه وسلم - ، إذا لبس لامته أن ينزعها حتى يلقى العدو ويقاتل  ، وقيل : كان مكروها لا محرما . والصحيح الأول . وقيل : بناء عليه أنه كان لا يبتدئ تطوعا إلا لزمه إتمامه . 
وكان يحرم عليه - صلى الله عليه وسلم - مد العين إلى ما متع به الناس  ، ويحرم عليه خائنة   [ ص: 6 ] الأعين ، وهي الإيماء إلى مباح من قتل أو ضرب ، على خلاف ما يظهره ويشعر به الحال . وقال صاحب ( التلخيص ) : ولم يكن له أن يخدع في الحرب ، وخالفه الجمهور . وفي الجرجانيات ذكر وجهين ، في أنه هل كان يجوز له أن يصلي على من عليه دين ؟  وهل كان يجوز أن يصلي مع وجود الضامن ؟ قلت : الصواب الجزم بجوازه مع الضامن ، ثم نسخ التحريم ، فكان - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك يصلي على من عليه دين ولا ضامن له ، ويوفيه من عنده . والأحاديث الصحيحة مصرحة بما ذكرته . - والله أعلم - . 
القسم الثاني : المحرمات المتعلقة بالنكاح    . فمنها : إمساك من كرهت نكاحه على الصحيح . وقيل : إنما كان يفارقها تكرما . ومنها : نكاح الكتابية على الأصح ، وبه قال  ابن سريج  والقاضي  أبو حامد  والإصطخري     . وقال  أبو إسحاق     : ليس بحرام ، ويجري الوجهان في التسري بالأمة الكتابية ونكاح الأمة المسلمة ، لكن الأصح في التسري بالكتابية ، الحل . وفي نكاح المسلمة ، التحريم . قالوا : ولو قدر نكاح أمة ، كان ولده منها حرا على الصحيح مع تجويزنا جريان الرق على العرب . وفي لزوم قيمة هذا الولد وجهان . قال  أبو عاصم     : نعم . وقال  القاضي حسين     : لا ، بخلاف ولد المغرور بحرية أمه ، لأنه فوت الرق بظنه ، وهنا الرق متعذر . وأما الأمة الكتابية ، فكان نكاحها محرما عليه على المذهب . وطرد  الحناطي  فيه الوجهين . 
				
						
						
