الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        أصدق فاسدا كخمر أو خنزير ، ثم أسلما بعد قبضه ، فلا شيء . وإن أسلما قبل قبضه ، وجب مهر المثل . وفي قول : لها مهر المثل وإن قبضته . وفي قول : لا شيء وإن لم تقبض ، والمشهور الأول ، وهو الفرق . وسواء كان المسمى خمرا معينة أو في الذمة . ولو أصدقها حرا مسلما استرقوه ، ثم أسلما قبل قبضه [ ص: 153 ] أو بعده ، لم نقره في يدها ، بل نبطل ما جرى ، ويجب مهر المثل . هكذا ذكروه ، وقياس ما سبق ، أن يخرج من يدها ، ولا ترجع بشيء ، كما تراق الخمرة المقبوضة . ولو قبضت بعض الفاسد ، ثم أسلما ، وجب من مهر المثل بقسط ما لم يقبض ، ولا يجوز تسليم الباقي من الفاسد . وطريق التقسيط ، أن ينظر ، فإن سميا جنسا واحدا وليس فيه تعدد ، كزق خمر قبضت نصفه ثم أسلما ، وجب نصف مهر المثل . وإن تعدد المسمى كزقي خمر ، قبضت أحدهما . فإن تساويا في القدر ، فكذلك ، وإلا ، فهل يعتبر الكيل أو الوزن أو العدد ؟ أوجه . أصحها : الأول . وإن أصدقها خنزيرين ، فهل يعتبر العدد أم قيمتهما بتقدير ماليتهما ؟ وجهان . أصحها : الثاني . وإن سميا جنسين فأكثر ، كزقي خمر وكلبين وثلاثة خنازير ، وقبضت إحدى الأجناس ، فهل ينظر إلى الأجناس ، فكل جنس بثلث ، أم إلى الأعداد ، فكل فرد سبع ، أم إلى القيمة بتقدير المالية ؟ أوجه . أصحهما : الثالث . وحيث اعتبرنا تقويمها ، فهل طريقه أن تقدر الخمر خلا ، والكلب شاة ، والخنزير بقرة ، أم الكلب فهدا ، لاشتراكهما في الاصطياد ، والخنزير حيوانا يقاربه في الصورة والفائدة ، أم تعتبر قيمتها عند من يجعل لها قيمة كتقدير الحر عبدا في الحكومة ؟ فيه أوجه . أصحها : الثالث . ولو ترابى كافران ، فباعه أو أقرضه درهما بدرهمين ، ثم أسلما أو ترافعا إلينا قبله ، فإن جرى تقابض ، لم نتعرض لما جرى ولم يلزم الرد ، وإن لم يجر ، أبطلناه . وإن كان بعد قبض الدرهمين ، سألنا المؤدي ، أقصد أداءه عن الربح ، أم عن رأس المال ؟ وقد ذكرنا تفصيله في أواخر " كتاب الرهن " . وجميع ما ذكرناه هو إذا تقابضا بتراض ، فإن أجبرهم قاضيهم على القبض في الربا والصداق وثمن خمر تبايعوها ثم أسلموا ، لم نوجب الرد على المذهب ، فالإسلام يجب ما قبله . وإن ترافعوا إلينا في كفرهم ، فكذلك على الأظهر ، ويقال : الأصح .

                                                                                                                                                                        [ ص: 154 ] فرع

                                                                                                                                                                        نكحها مفوضة ، ويعتقدون أن لا مهر للمفوضة بحال ، ثم أسلم ، فلا مهر وإن كان إسلامهما قبل الدخول ، لأنه استحق وطئا بلا مهر .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية