الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        النوع الثاني : في قدر العدد المباح ، ولا يجوز للحر أن ينكح أكثر من أربع نسوة . فلو نكح خمسا في عقد ، بطل نكاحهن ، وإن نكحهن مرتبا ، بطل الزيادة على الأربع الأوليات . ولو نكح خمسا في عقد فيهن أختان ، بطل فيهما ، وفي البواقي قولا تفريق الصفقة ، والأظهر الصحة .

                                                                                                                                                                        ولو نكح سبعا فيهن أختان ، بطل الجميع .

                                                                                                                                                                        ولو كان تحته أربع فأبانهن ، فله نكاح أربع بدلهن وإن كن في العدة . ولو أبان واحدة ، فله نكاح أخرى في عدة المبانة .

                                                                                                                                                                        [ ص: 122 ] ولو وطئ امرأة بشبهة ، فله نكاح أربع في عدتها . ولو كانت المفارقة رجعية ، لم تجز . وأما العبد ، فلا يجوز أن يزيد على امرأتين .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لابن الحداد

                                                                                                                                                                        نكح ست نسوة ، ثلاثا في عقد ، وثنتين في عقد ، وواحدة في عقد ، ولم يعلم المتقدم ، فنكاح الواحدة صحيح على كل تقدير ، لأنها لا تقع إلا أولة ، أو ثالثة ، أو رابعة ، فإنها لو تأخرت عن العقدين ، كان ثانيهما باطلا ، فتقع هي صحيحة . وأما البواقي ، فقال ابن الحداد : لا يثبت نكاحهن ، لأن كل واحد من عقديهما يحتمل كونه متأخرا باطلا ، والأصل عدم الصحة . قال الشيخ أبو علي : ما ذكره ابن الحداد غلط عند عامة الأصحاب ، بل يصح مع نكاح الواحدة ، إما الثنتان ، وإما الثلاث ، وهو الذي سبق منهما ، ولا نعرف عينه فيوقف ، ويسأل الزوج ، فإن ادعى سبق الثنتين وصدقتاه ، ثبت نكاحهما . وإن ادعى سبق الثلاث ، وصدقنه ، فكذلك . وإن قال : لا أدري ، أو لم يبين ، فلهن طلب الفسخ . وإن رضين بالضرر ، لم ينفسخ ، وعلى الزوج نفقة الجميع مدة التوقف ، فإن مات قبل البيان ، اعتدت من لم يدخل بها عدة وفاة ، ومن دخل بها بأقصى الأجلين من وفاة وإقراء ، ويدفع إلى الفردة ربع ميراث النسوة ، لاحتمال صحة نكاح ثلاث معها ، ثم يحتمل أن يكون الصحيح معها نكاح الثلاث ، فلا يستحق غير الربع المأخوذ ، ويحتمل صحة نكاح الثنتين ، فيستحق الثلث ، فيوقف ما بين الثلث والربع ، وهو نصف سدس بين الواحدة والثلاث ، لا حق للثنتين فيه ، ويوقف الثلثان بين [ ص: 123 ] نصيب النسوة ، بين الثنتين والثلاث ، لا حق للواحدة فيه . فإن أردن الصلح قبل البيان ، فالصلح في نصف السدس بين الواحدة والثلاث ، وفي الثلثين بين الثلاث والثنتين . وأما المهر ، فللمفردة المسمى . وأما البواقي ، فإن دخل بهن ، قابلنا المسمى لإحدى الفرقتين ومهر المثل بالمسمى للفرقة الأخرى ومهر مثل الأولى ، وأخذنا أكثر القدرين من التركة ، ودفعنا إلى كل واحدة منهن الأقل من مسماها ومهر مثلها ، ووقفنا الباقي .

                                                                                                                                                                        مثاله : سمى لكل واحدة مائة ، ومهر مثل كل واحدة خمسون ، فمسمى الثلاث ومهر مثل الثنتين أربعمائة ، وهي أكثر من مسمى الثنتين ومهر مثل الثلاث ، فنأخذ من التركة أربعمائة ، وندفع إلى كل واحدة خمسين ، ونقف الباقي وهو مائة وخمسون ( منها ) مائة بين النسوة الخمس ، وخمسون بين الثلاث والورثة ، فإن بان صحة نكاح الثنتين ، فالمائة لهما ، والخمسون للورثة . وإن بان صحة الثلاث ، فالمائة والخمسون لهن . وإن لم يدخل بواحدة ، أخذنا من التركة أكثر المسميين ، ولا نعطي في الحال واحدة شيئا . والأكثر في المثال المذكور ثلاثمائة ، فنقف مائتين بين الثلاث والثنتين ، ومائة بين الثلاث والورثة . وإن دخل بإحدى الفرقتين ، أخذنا الأكثر من مسمى المدخول بهن فقط ، ومن مهر مثلهن مع مسمى الفرقة الأخرى ، وأعطي الموطوءات الأقل من المسمى ومهر مثلهن . ففي المثال المذكور ، إن دخل بالثنتين ، فمهر مثلهما مع مسمى الثلاث أربعمائة ، وذلك أكثر من مسمى الثنتين ، فنأخذ أربعمائة ، ونعطي كل واحدة من الثنتين خمسين ، ونقف مائة بينهما وبين الثلاث ، ومائتين بين الثلاث والورثة . فإن بان صحة نكاح الثنتين ، دفعنا المائة إليهما ، والباقي للورثة . وإن بان صحة نكاح الثلاث ، دفعناها مع المائتين إليهن ، وإن دخل بالثلاث ، فمهر مثلهن مع مسمى الثنتين ثلاثمائة وخمسون ، وذلك أكثر من مسمى الثلاث ، فنأخذ ثلاثمائة وخمسين ، ونعطي كل واحدة من الثلث خمسين منها ، ونقف الباقي وهو مائتان ، منها مائة وخمسون بين الثنتين والثلاث ، والباقي بين الثنتين والورثة . فإن بان صحة نكاح الثلاث ، أعطيناهن مائة وخمسين ، والباقي للورثة . وإن بان صحة نكاح الثنتين ، أعطيناهما المائتين .

                                                                                                                                                                        [ ص: 124 ] قال الشيخ أبو علي : فإن كانت المسألة بحالها ، ونكح أربعا أخر في عقد رابع ، ولم يعرف الترتيب ، لم يحكم بصحة نكاح الواحدة ، لاحتمال وقوعه بعد الأربع . فإن مات قبل البيان ، وقفنا ميراث زوجات ، ولا نعطي واحدة منه شيئا . وأما المهر ، فإن دخل بهن ، أخذنا لكل واحدة الأكثر من مسماها ومهر مثلها ، وأعطيناها أقلهما ، ووقفنا الباقي بينها وبين الورثة . فإن لم يدخل بواحدة منهن ، فيحتمل أن يكون الصحيح نكاح الأربع ، ويحتمل أن تكون الواحدة مع الثلاث ، أو مع الثنتين ، فينظر مهر الأربع وحده ، ومهر الواحدة مع الثلاث ، ثم مع الثنتين ، ويؤخذ أكثر المقادير الثلاثة ، ويوقف . وإن دخل ببعضهن ، أخذ للمدخول بها أكثر مهريها ، وتعطى منه أقلهما ، ويوقف الباقي بينها وبين الورثة ، وأخذ لغير المدخول بها مسماها ، فيوقف بينها وبين الورثة .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية