الطرف الخامس : في التوكيل ، التوكيل بالتزويج  جائز . فإن كان الولي مجبرا ، فله التوكيل بغير إذنها على الصحيح . وقيل : يشترط إذنها ، حكاه  الحناطي  والقاضي  أبو حامد     . فعلى هذا ، إن كانت صغيرة ، امتنع التوكيل . فعلى الصحيح : إذا وكل لا يشترط تعيين الزوج على الأظهر . ولو أذنت الثيب في النكاح أو البكر لغير الأب والجد ، ففي اشتراط التعيين القولان . وقيل : لا يشترط قطعا ، لأن الولي يعتني بدفع العار عن النسب ، بخلاف الوكيل . قال الإمام : وظاهر كلام   [ ص: 73 ] الأصحاب يقتضي طرد الخلاف وإن رضيت بترك الكفاءة ، لكن القياس تخصيصه بمن لم ترض . فأما من أسقطت الكفاءة ، فلا معنى لاشتراط التعيين فيها . وإذا جوزنا التوكيل المطلق ، فعلى الوكيل رعاية النظر . فلو زوج لغير كفء ، لم يصح على الصحيح . وحكى   ابن كج  وجها : أنه يصح ، ولها الخيار . فإن كانت صغيرة ، خيرت عند البلوغ . 
ولو خطب كفآن ، وأحدهما أشرف ، فزوج الآخر ، لم يصح . وإذا جوزنا الإذن المطلق ، فقالت : زوجني ممن شئت ، فهل له تزويجها غير كفء ؟ وجهان ، أصحهما عند الإمام  والسرخسي  وغيرهما : نعم ، كما لو قالت : زوجني ممن شئت كفئا كان أو غيره . هذا كله إذا كان الولي مجبرا . فإن كان غير مجبر ، لكونه غير الأب والجد ، أو كانت ثيبا ، ففيه صور . 
إحداها : قالت : زوجني ووكل ، فله كل واحد منهما . 
الثانية : نهت عن التوكيل ، لا يوكل . 
الثالثة : قالت : وكل بتزويجي واقتصرت عليه ، فله التوكيل . وهل له أن يزوج بنفسه ؟ وجهان . أصحهما : نعم . 
الرابعة : قالت : أذنت لك في تزويجي ، فله التوكيل على الأصح ، لأنه متصرف بالولاية . ولو وكل من غير مراجعتها واستئذانها بالكلية ، لم يصح على الصحيح ، لأنه لا يملك التزويج بنفسه حينئذ . والثاني : يصح . فعلى هذا ، يستأذن الولي أو الوكيل للولي ، ثم يزوج . ولا يجوز أن يستأذن لنفسه . ثم إذا وكل غير المجبر بعد إذن المرأة ، فهل يشترط تعيين الزوج إن أطلقت الإذن ؟ وجهان كما في توكيل المجبر . 
قال الإمام : وإذا عينت زوجا ، سواء شرطنا تعيينها ، أم لا ، فليذكره الولي   [ ص: 74 ] للوكيل . فإن لم يفعل وزوج الوكيل غيره ، لم يصح . وكذا لو زوجه ، لم يصح على الظاهر ، لأن التفويض المطلق - مع أن المطلوب معين - فاسد . وهذا كما لو قال الولي للوكيل : بع مال الطفل بالعين ، فباع بالغبطة ، لم يصح . 
فرع 
قالت : أذنت لك في تزويجي ، ولا تزوجني بنفسك ، قال الإمام : قال الأصحاب : لا يصح هذا الإذن ، لأنها منعت الولي ، وجعلت التفويض للأجنبي ، فأشبه الإذن للأجنبي ابتداء . 
فرع 
في " فتاوى "  البغوي     : أنه إذا لم يكن ولي سوى الحاكم ، فأمر قبل أن يستأذنها رجلا بتزويجها ، فزوجها الرجل بإذنها ، هل يصح النكاح ؟ يبنى على أن استنابة القاضي في شغل معين - كتحليف وسماع شهادة - يجري مجرى الاستخلاف ، أم لا ؟ إن قلنا : نعم ، جاز قبل استئذانها ، وصح النكاح ، وإلا ، فلا يصح على الأصح ، كتوكيل الولي قبل الإذن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					