بيان . مدح المال والجمع بينه وبين الذم
اعلم أن الله تعالى قد سمى المال خيرا في مواضع من كتابه العزيز فقال جل وعز إن ترك خيرا الآية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . نعم المال الصالح للرجل الصالح
وكل ما جاء في ثواب الصدقة والحج فهو ، ثناء على المال إذ لا يمكن الوصول إليهما إلا به ، وقال تعالى ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وقال تعالى ممتنا على عباده ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا وقال صلى الله عليه وسلم : وهو ثناء على المال . كاد الفقر أن يكون كفرا
ولا تقف على وجه الجمع بعد الذم والمدح إلا بأن تعرف حكمة المال ، ومقصوده ، وآفاته ، وغوائله حتى ينكشف لك أنه خير من وجه ، وشر من وجه ، وأنه محمود من حيث هو خير ، ومذموم من حيث هو شر ، فإنه ليس بخير محض ولا شر محض بل هو سبب للأمرين جميعا ، وما هذا وصفه فيمدح لا محالة تارة ، ويذم أخرى ، ولكن البصير المميز يدرك أن المحمود منه غير المذموم ، وبيانه بالاستمداد مما ذكرناه في كتاب الشكر من بيان الخيرات ، وتفصيل درجات النعم والقدر المقنع فيه هو أن مقصد الأكياس وأرباب البصائر سعادة الآخرة التي هي النعيم الدائم والملك المقيم .
والقصد إلى هذا دأب الكرام والأكياس ; إذ قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ، وأكيسهم فقال : أكثرهم للموت ذكرا ، وأشدهم له استعدادا .