الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        وأما كيفية التشطر ، ففيها أوجه . الصحيح أنه يعود إليه نصف الصداق بنفس الفراق . والثاني : أن الفراق يثبت له خيار الرجوع في النصف ، فإن شاء يملكه وإلا فيتركه كالشفعة . والثالث : لا يرجع إليه إلا بقضاء القاضي . وحكى العبادي ، أن أبا الفضل القاشاني الزاهد ، حكى الثالث قولا قديما . وأنكر جمهور الأصحاب كونه قولا أو وجها ، فإذا قلنا : يثبت الملك بالاختيار ، فطلقها على أن يسلم لها كل الصداق ، وهذا إعراض منه ورضى بسقوط حقه ، فيسلم لها جميعه . وعلى الصحيح يلغو قوله ، ويتشطر المهر كما لو أعتق ونفى الولاء . ولو طلق ثم قال : أسقطت خياري ، وقلنا : الطلاق يثبت الخيار ، فقد أشار الغزالي إلى احتمالين .

                                                                                                                                                                        أحدهما : يسقط كخيار البيع . وأرجحهما : لا ، كما لو أسقط الواهب خيار الرجوع ، ولم يجر هذا التردد فيما لو طلق على أن يسلم لها كل الصداق . ويجوز أن يسوي بين الصورتين . ولو حدثت زيادة في الصداق بعد الطلاق ، فعلى الوجه الأول : الصحيح نصفها للزوج ، وعلى الثاني : إن حدثت قبل اختيار التملك ، فالجميع للزوجة كالحادث قبل الطلاق ، هذا إذا كانت الزيادة منفصلة ، فإن كانت متصلة وقلنا بالأول ، فالنصف بزيادته للزوج . وإن قلنا بالثاني ، فوجهان . أصحهما : كذلك .

                                                                                                                                                                        والثاني : يمنع الرجوع إلا برضاها . وإن حدث نقص ، فإن قلنا : يملك بالاختيار ، فإن شاء أخذه ناقصا بلا أرش ، وإن شاء تركه وأخذ نصف قيمته صحيحا . وإن قلنا : يملك بنفس الطلاق ، فإن [ ص: 291 ] وجد منها تعد ، بأن طالبها برد النصف ، فامتنعت ، فله النصف مع أرش النقص وإن تلف الكل والحالة هذه ، فعليها الضمان . وإن لم يوجد تعد ، فوجهان . أحدهما وهو ظاهر النص وبه قال العراقيون والروياني : أنها تغرم أرش النقص . وإن تلف ، غرمت البدل ; لأنه مقبوض عن معاوضة كالمبيع في يد المشتري بعد الإقالة . وفي " الأم " نص يشعر بأنه لا ضمان ، وبه قال المراوزة ; لأنه في يدها بلا تعد ، فأشبه الوديعة . فعلى الأول ، لو قال الزوج : حدث النقص بعد الطلاق فعليك الضمان ، وقالت : قبله ولا ضمان ، فأيهما المصدق ؟ وجهان . أصحهما : المرأة ، وبه قطع الشيخ أبو حامد وابن الصباغ . ولو رجع كل الصداق إليه بردتها ، أو فسخ وتلف في يدها ، فمضمون عليها كالبيع ينفسخ بإقالة أو رد بعيب . قال الإمام : وحكم النصف عند ردته كالطلاق .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا قلنا : يملك بالاختيار ، فهل تملك الزوجة التصرف بعد الطلاق قبل الاختيار ؟ وجهان حكاهما الإمام . قال : القياس أنها تملك كما قبل الطلاق ، وكما يملك المتهب قبل رجوع الواهب .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا كان الصداق دينا ، سقط نصفه بمجرد الطلاق على الصحيح ، وعند الاختيار : على الثاني ، ولو أدى الدين والمؤدى باق ، فهل لها أن تدفع قدر النصف من موضع آخر لأن العقد لم يتعلق بعينه ؟ أم يتعين حقه فيه لتعينه بالدفع ؟ وجهان . أصحهما الثاني .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية