الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2111 12 - باب في التزويج على العمل يعمل

                                                              151 \ 2025 - عن سهل بن سعد الساعدي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت : يا رسول الله، إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياما طويلا، فقام رجل، فقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال : ما عندي إلا إزاري هذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئا، قال : لا أجد شيئا، قال : فالتمس ولو خاتما من حديد، فالتمس فلم يجد شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 440 ] هل معك من القرآن شيء؟ قال : نعم، سورة كذا وسورة كذا، لسور سماها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد زوجتكها بما معك من القرآن .

                                                              وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .

                                                              و في رواية: فقال: "ما تحفظ من القرآن؟ " قال: سورة البقرة والتي تليها. قال: "قم فعلمها عشرين آية، وهي امرأتك" في إسناده عسل بن سفيان، وهو ضعيف.

                                                              وفي رواية قال: وقد كان مكحول يقول: ليس ذاك لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                              روي "ملكتكها" وروي أيضا "ملكتها" بضم الميم وكسر اللام. قال أبو الحسن الدارقطني: رواية من روى "ملكتها" وهم، ورواية من قال: "زوجتكها" الصواب، وهم أكثر وأحفظ .

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وادعى بعضهم أن هذا الحديث منسوخ بقوله لا نكاح إلا بولي ولا يصح ذلك، فإن الموهوبة كانت تحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جعلت أمرها إليه، فزوجها بالولاية.

                                                              وأما دعوى الخصوص في الحديث، فإنها من وجه دون وجه، فالمخصوص به صلى الله عليه وسلم: نكاحه بالهبة، لقوله تعالى وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي - إلى قوله - خالصة لك من دون المؤمنين .

                                                              [ ص: 441 ] وأما تزويج المرأة على تعليم القرآن، فكثير من أهل العلم يجيزه، كالشافعي وأحمد وأصحابهما، وكثير يمنعه، كأبي حنيفة ومالك.

                                                              وفيه جواز نكاح المعدم الذي لا مال له.

                                                              وفيه الرد على من قال بتقدير أقل الصداق إما بخمسة دراهم كقول ابن شبرمة، أو بعشرة، كقول أبي حنيفة، أو بأربعين درهما كقول النخعي، أو بخمسين كقول سعيد بن جبير، أو ثلاثة دراهم، أو ربع دينار، كقول مالك.

                                                              وليس لشيء من هذه الأقوال حجة يجب المصير إليها، وليس بعضها بأولى من بعض. وغاية ما ذكره المقدرون: قياس استباحة البضع على قطع يد السارق، وهذا القياس - مع مخالفته للنص - فاسد، إذ ليس بين البابين علة مشتركة، توجب إلحاق أحدهما بالآخر، وأين قطع يد السارق من باب الصداق ؟! وهذا هو الوصف الطردي المحض الذي لا أثر له في تعلق الأحكام به.

                                                              وفي جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح.

                                                              وفيه جواز كون الولي هو الخاطب، وترجم عليه البخاري في "صحيحه" كذلك، وذكر الحديث.

                                                              وفيه جواز سكوت العالم، ومن سئل شيئا لم يرد قضاءه ولا الجواب [ ص: 442 ] عنه، وذلك ألين في صرف السائل، وأحمد من جبهه بالرد، وهو من مكارم الأخلاق.

                                                              وفيه دليل على جواز أن تكون منافع الحر صداقا، وفيه نظر. والله أعلم.




                                                              الخدمات العلمية