الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1787 101 \ 1713 - وعن عطاء بن أبي رباح قال : حدثني جابر بن عبد الله قال : أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج خالصا، لا يخالطه شيء، فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة، فطفنا وسعينا، ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحل، وقال: لولا هديي لحللت، ثم قام سراقة بن مالك فقال: يا رسول الله، أرأيت متعتنا هذه، ألعامنا هذا أم للأبد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل هي للأبد .

                                                              وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه .

                                                              [ ص: 293 ]

                                                              التالي السابق


                                                              [ ص: 293 ] قال ابن القيم رحمه الله: وعند النسائي عن سراقة: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمتعنا معه، فقلنا: ألنا خاصة أم للأبد ؟ قال: بل للأبد ، وهو صريح في أن العمرة التي فسخوا حجهم إليها لم تكن مختصة بهم، وأنها مشروعة للأمة إلى يوم القيامة.

                                                              وقول من قال: إن المراد به السؤال عن المتعة في أشهر الحج، لا عن عمرة الفسخ، باطل من وجوه:

                                                              أحدها: أنه لم يقع السؤال عن ذلك، ولا في اللفظ ما يدل عليه، وإنما سأله عن تلك العمرة المعينة، التي أمروا بالفسخ إليها، ولهذا أشار إليها بعينها، فقال: "متعتنا هذه" ولم يقل العمرة في أشهر الحج.

                                                              الثاني: أنه لو قدر أن السائل أراد ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم أطلق الجواب بأن تلك العمرة مشروعة إلى الأبد، ومعلوم أنها مشتملة على وصفين: كونها عمرة، فسخ الحج إليها، وكونها في أشهر الحج.

                                                              فلو كان المراد أحد الأمرين، وهو كونها في أشهر الحج، لبينه للسائل، لا سيما إذا كان الفسخ حراما باطلا، فكيف يطلق الجواب عما يجوز ويشرع وما لا يحل ولا يصح إطلاقا واحدا ؟ هذا مما ينزه عن آحاد أمته صلى الله عليه وسلم فضلا عنه صلى الله عليه وسلم.

                                                              ومعلوم أن من سئل عن أمر يشتمل على جائز ومحرم، وجب عليه أن يبين للسائل جائزه من حرامه، ولا يطلق الجواز والمشروعية عليه إطلاقا واحدا.

                                                              الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتمر قبل ذلك ثلاث عمر كلهن في أشهر [ ص: 294 ] الحج، وقد علم ذلك الخاص والعام، أفما كان في ذلك ما يدل على جواز العمرة في أشهر الحج ؟!

                                                              الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم عند إحرامهم: من شاء أن يهل بعمرة فليهل وفي هذا أعظم البيان لجواز العمرة في أشهر الحج.

                                                              الخامس: أنه خص بذلك الفسخ من لم يكن معه هدي، وأما من كان معه هدي فأمره بالبقاء على إحرامه وألا يفسخ، فلو كان المراد ما ذكروه لعم الجميع بالفسخ، ولم يكن للهدي أثر أصلا، فإن سبب الفسخ عندهم الإعلام المجرد بالجواز، وهذا الإعلام لا تأثير للهدي في المنع منه.

                                                              السادس: أن طرق الإعلام بجواز الاعتمار في أشهر الحج أظهر وأبين قولا وفعلا من الفسخ، فكيف يعدل صلى الله عليه وسلم عن الإعلام بأقرب الطرق وأبينها وأسهلها وأدلها إلى الفسخ الذي ليس بظاهر فيما ذكره من الإعلام؟ والخروج من نسك إلى نسك وتعريضهم لمشقة ذلك عليهم لمجرد الإعلام الممكن الحصول بأقرب الطرق؟ وقد بين صلى الله عليه وسلم ذلك غاية البيان بقوله وفعله، فلم يحللهم بالإعلام على الفسخ.

                                                              السابع: أنه لو فرض أن الفسخ للإعلام المذكور، كان ذلك دليلا على دوام مشروعيته إلى يوم القيامة، فإن ما شرع في المناسك لمخالفة [ ص: 295 ] المشركين مشروع أبدا، كالوقوف بعرفة لقريش وغيرهم، والدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس.

                                                              الثامن: أن هذا الفسخ وقع في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجئ عنه كلمة قط تدل على نسخه وإبطاله، ولم تجمع الأمة بعده على ذلك، بل منهم من يوجبه، كقول حبر الأمة وعالمها عبد الله بن عباس ومن وافقه، وقول إسحاق، وهو قول الظاهرية وغيرهم، ومنهم من يستحبه ويراه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كقول إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، وقد قال له سلمة بن شبيب: يا أبا عبد الله كل شيء منك حسن إلا خصلة واحدة، تقول بفسخ الحج إلى العمرة ؟! فقال: يا سلمة، كان يبلغني عنك أنك أحمق، وكنت أدافع عنك، والآن علمت أنك أحمق ! عندي في ذلك بضعة عشر حديثا صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أأدعها لقولك؟ [ ص: 296 ] وهو قول الحسن، وعطاء، ومجاهد، وعبيد الله بن الحسن، وكثير من أهل الحديث، أو أكثرهم.

                                                              التاسع: أن هذا موافق لحج خير الأمة وأفضلها، مع خير الخلق وأفضلهم، فإنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالفسخ إلى المتعة، وهو لا يختار لهم إلا الأفضل، فكيف يكون ما اختاره لهم هو المفضول المنقوص، بل الباطل الذي لا يسوغ لأحد أن يقتدي بهم فيه؟

                                                              العاشر: أن الصحابة رضي الله عنهم إذا لم يكتفوا بعمل العمرة معه ثلاثة أعوام في أشهر الحج، وبقوله لهم عند الإحرام: من شاء أن يهل بعمرة فليهل ، على جواز العمرة في أشهر الحج، فهم أحرى أن يكتفوا بالأمر بالفسخ في العلم بجواز العمرة في أشهر الحج، فإنه إذا لم يحصل لهم العلم بالجواز بقوله وفعله، فكيف يحصل بأمره لهم بالفسخ؟.

                                                              الحادي عشر: أن ابن عباس الذي روى أنهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم لما قدموا بالفسخ، هو كان يرى وجوب الفسخ ولابد، بل كان يقول: كل من طاف بالبيت فقد حل من إحرامه ما لم يكن معه هدي . وابن عباس أعلم بذلك، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بالفسخ للإعلام بجواز العمرة، لم يخف ذلك على ابن عباس، ولم يقل: إن كل من طاف بالبيت من قارن أو حاج لا هدي معه فقد حل .

                                                              [ ص: 297 ] الثاني عشر: أنه لا يظن بالصحابة، الذين هم أصح الناس أذهانا وأفهاما، وأطوعهم لله ولرسوله أنهم لم يفهموا جواز العمرة في أشهر الحج، وقد عملوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أعوام، وأذن لهم فيها، ثم فهموا ذلك من الأمر بالفسخ.

                                                              الثالث عشر: أن النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون أمرهم بالفسخ لأن التمتع أفضل، فأمرهم بالفسخ إلى أفضل الأنساك، أو يكون أمرهم به ليكون نسكهم مخالفا للمشركين في التمتع في أشهر الحج، وعلى التقديرين، فهو مشروع غير منسوخ إلى الأبد.

                                                              أما الأول الظاهر، وأما الثاني فلأن الشريعة قد استقرت - ، ولا سيما في المناسك - ، على قصد مخالفة المشركين، فالنسك المشتمل على مخالفتهم أفضل بلا ريب، وهذا واضح.

                                                              الرابع عشر: أن السائل للنبي صلى الله عليه وسلم: عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد ؟ لم يرد به أنها هل تجزئ عن تلك السنة فقط، أو عن العمر كله ؟ فإنه لو كان مراده ذلك لسأل عن الحج الذي هو فرض الإسلام، ومن المعلوم أن العمرة إن كانت واجبة لم تجب في العمر إلا مرة واحدة، ولأنه لو أراد ذلك لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم بل لأبد الأبد ، فإن أبد الأبد إنما يكون في حق الأمة قوما بعد قوم إلى يوم القيامة، و"أبد الأبد " لا يكون في حق طائفة معينة، [ ص: 298 ] بل هو لجميع الأمة ولأنه قال في رواية النسائي: ألنا خاصة أم للأبد ؟ فدل على أنهم إنما سألوه: هل يسوغ فعلها بعدك على هذا الوجه ؟ فأجابهم، بأن فعلها كذلك سائغ أبد الأبد.

                                                              وفي رواية للبخاري: أن سراقة بن مالك لقي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله ؟ قال: بل للأبد .

                                                              الخامس عشر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم في تلك الحجة أن كل من طاف بالبيت فقد حل إلا من كان معه الهدي، ففي "السنن" من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان قال له سراقة بن مالك المدلجي: يا رسول الله اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم؟ فقال: إن الله عز وجل قد أدخل عليكم في حجكم هذا عمرة، فإذا قدمتم فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل، إلا من كان معه هدي ، وسيأتي الحديث. فهذا نص انفساخه شاء أم أبى، كما قال ابن عباس وإسحاق ومن وافقهما.

                                                              وقوله: اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم يريد قضاء لازما لا يتغير ولا يتبدل، بل نتمسك به من يومنا هذا إلى آخر العمر.

                                                              السادس عشر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن تلك العمرة التي فسخوا إليها الحج وتمتعوا بها ابتداء فقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، [ ص: 299 ] كان هذا تصريحا منه بأن هذا الحكم ثابت أبدا، لا ينسخ إلى يوم القيامة، ومن جعله منسوخا فهذا النص يرد قوله.

                                                              وحمله على العمرة المبتدأة التي لم يفسخ الحج إليها باطل، فإن عمرة الفسخ سبب الحديث فهي مرادة منه نصا، وما عداها ظاهر، وإخراج محل السبب وتخصيصه من اللفظ العام لا يجوز، فالتخصيص وإن تطرق إلى العموم فلا يتطرق إلى محل السبب. وهذا باطل.

                                                              السابع عشر: أن متعة الفسخ لو كانت منسوخة لكان ذلك من المعلوم عند الصحابة ضرورة كما كان من المعلوم عندهم نسخ الكلام في الصلاة، ونسخ القبلة، ونسخ تحريم الطعام والشراب على الصائم بعد ما ينام، بل كان بمنزلة الوقوف بعرفة والدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس، فإن هذا من أمور المناسك الظاهرة المشترك فيها أهل الإسلام، فكان نسخه لا يخفى على أحد.

                                                              وقد كان ابن عباس إذا سألوه عن فتياه بها ؟ يقول: سنة نبيكم، وإن رغمتم فلا يراجعونه. فكيف تكون منسوخة عندهم وابن عباس يخبرهم أنها سنة نبيهم، ويفتي بها الخاص والعام، وهم يقرونه على ذلك؟ هذا من أبطل الباطل.

                                                              الثامن عشر: أن الفسخ قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة عشر من [ ص: 300 ] الصحابة، وهم عائشة، وحفصة، وعلي، وفاطمة، وأسماء بنت أبي بكر، وجابر، وأبو سعيد، وأنس، وأبو موسى، [وابن عمر] ، والبراء، وابن عباس، وسراقة، وسبرة.

                                                              ورواه عن عائشة: الأسود بن يزيد، والقاسم، وعروة، وعمرة، وذكوان مولاها.

                                                              ورواه عن جابر: عطاء، ومجاهد، ومحمد بن علي، وأبو الزبير.

                                                              ورواه عن أسماء: صفية، ومجاهد.

                                                              ورواه عن أبي سعيد: أبو نضرة.

                                                              ورواه عن البراء: أبو إسحاق.

                                                              ورواه عن ابن عمر: سالم ابنه، وبكر بن عبد الله.

                                                              ورواه عن أنس: أبو قلابة.

                                                              ورواه عن أبي موسى: طارق بن شهاب.

                                                              ورواه عن ابن عباس: طاووس، وعطاء، وأنس بن سليم ، وجابر بن [ ص: 301 ] زيد، ومجاهد، وكريب، وأبو العالية، ومسلم القري، وأبو حسان الأعرج.

                                                              ورواه عن سبرة: ابنه.

                                                              فصار نقل كافة عن كافة، يوجب العلم، ومثل هذا لا يجوز دعوى نسخه إلا بما يترجح عليه أو يقاومه. فكيف يسوغ دعوى نسخه بأحاديث لا تقاومه ولا تدانيه ولا تقاربه، وإنما هي بين مجهول رواتها، أو ضعفاء لا تقوم بهم حجة؟ وما صح فيها فهو رأي صاحب، قاله بظنه واجتهاده، وهو أصح ما فيها، وهو قول أبي ذر: كانت المتعة لنا خاصة ، وما عداه فليس بشيء، وقد كفانا رواته مؤنته.

                                                              فلو كان ما قاله أبو ذر رواية صحيحة ثابتة مرفوعة لكان نسخ هذه الأحاديث المتواترة به ممتنعا، فكيف وإنما هو قوله ؟! ومع هذا فقد خالفه فيه عشرة من الصحابة كابن عباس، وأبي موسى الأشعري، وغيرهما؟!

                                                              التاسع عشر: أن الفسخ موافق للنصوص والقياس. أما موافقته للنصوص فلا ريب فيه كما تقدم. وأما موافقته للقياس: فإن المحرم إذا التزم أكثر مما كان التزمه جاز بالاتفاق، فلو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج [ ص: 302 ] جاز اتفاقا، وعكسه لا يجوز عند الأكثرين، وأبو حنيفة يجوزه على أصله، في أن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين، فإذا أدخل العمرة على الحج جاز عنده، لالتزامه طوافا ثانيا وسعيا، وإذا كان كذلك فالمحرم بالحج لم يلتزم إلا الحج، فإذا صار متمتعا صار ملتزما لعمرة وحج، فكان ما التزمه بالفسخ أكثر مما كان عليه، فجاز ذلك بل استحب له لأنه أفضل وأكثر مما التزمه أولا.

                                                              وإنما يتوهم الإشكال من يتوهم أنه فسخ حج إلى عمرة، وليس كذلك، فإنه لو أراد أن يفسخ الحج إلى عمرة مفردة، لم يجز عند أحد، وإنما يجوز الفسخ لمن نيته أن يحج بعد متعته من عامه، والمتمتع من حين يحرم بالعمرة دخل في الحج، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: دخلت العمرة في الحج .

                                                              فهذه المتعة التي فسخ إليها هي جزء من الحج، ليست عمرة مفردة، وهي من الحج بمنزلة الوضوء من غسل الجنابة، فهي عبادة واحدة، قد تخللها الرخصة بالإحلال، وهذا لا يمنع أن تكون واحدة، كطواف الإفاضة، فإنه من تمام الحج، ولا يفعل إلا بعد التحلل الأول، وكذلك رمي الجمار أيام منى من تمام الحج، وهو يفعل بعد التحلل التام.

                                                              وقول النبي صلى الله عليه وسلم من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق يتناول من حج حجة تمتع فيها بالعمرة، وإن تحلل من إحرامه ولم تكن حجته مكية، إذ لا ينقلهم الرءوف الرحيم بهم من الفاضل الراجح إلى المفضول [ ص: 303 ] الناقص، بل إنما نقلهم من المفضول إلى الفاضل الكامل، لا يجوز غير هذا البتة.

                                                              العشرون: أن القياس أنه إذا اجتمعت عبادتان، كبرى وصغرى، فالسنة تقديم الصغرى على الكبرى منهما، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ في غسل الجنابة بالوضوء أولا، ثم يتبعه الغسل، وقال في غسل ابنته: ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها . ففسخ الحج إلى العمرة يتضمن موافقة هذه السنة.

                                                              فقد تبين أنه موافق للنصوص والقياس، ولحج خيار الأمة مع نبيها صلى الله عليه وسلم، ولو لم يكن فيه نص لكان القياس يدل على جوازه من الوجوه التي ذكرنا وغيرها، ولو تتبعنا أدلة جوازه لطالت. وفي هذا كفاية والحمد لله.




                                                              الخدمات العلمية