الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        التمهيد ويشتمل على مطالب:

        المطلب الأول: تعريف الهبة لغة واصطلاحا.

        المطلب الثاني: الأصل فيها (من حيث الدليل ) .

        المطلب الثالث: حكمها.

        المطلب الرابع: حكمها.

        المطلب الخامس: الفرق بين الهبة، والهدية، والعطية، والصدقة، والوصية، والرشوة، والوقف.

        المطلب السادس: سؤال الهبة.

        المطلب السابع: الإثابة على الهبة، والدعاء للواهب.

        المطلب الثامن: قبول الهبة، وردها من المهدى إليه، والاعتذار للمهدي.

        المطلب التاسع: ما تصح هبته.

        المطلب العاشر: زكاة الثمرة الموهوبة قبل بدو الصلاح.

        المطلب الحادي عشر: الزكاة إذا كانت الهبة بعد بدو الصلاح.

        [ ص: 28 ] [ ص: 29 ] المطلب الأول: تعريف الهبة، والعطية، والهدية في اللغة والاصطلاح وفيه مسائل:

        المسألة الأولى: تعريف الهبة في اللغة

        قال ابن سيده: "وهب لك الشيء يهبه وهبا ووهبا بالتحريك وهبة، والاسم الموهب والموهبة بكسر الهاء فيهما، ولا يقال: وهبكه، هذا قول سيبويه، وحكى السيرافي عن أبي عمرو أنه سمع أعرابيا يقول لآخر: انطلق معي أهبك نبلا".

        وفي أسماء الله تعالى: الوهاب.

        والهبة: العطية الخالية عن الأعراض والأغراض، فإذا كثرت سمي صاحبها وهابا، وهو من أبنية المبالغة، والوهاب: من صفات الله المنعم على العباد، والله تعالى الوهاب الواهب، وكل ما وهب لك من ولد وغيره فهو موهوب.

        وقيل في اللغة: أصلها من الوهب، والوهب بتسكين الهاء وتحريكها، وكذلك في كل معتل الفاء كالوعد والعدة، والوعظ والعظة، فكانت من [ ص: 30 ] المصادر التي حذف أوائلها ويعوض في أواخرها التاء، ومعناها: إيصال الشيء إلى الغير بما ينفعه سواء كان مالا أو غير مال، قال: وهب له مالا وهبا وهبة، ويقال: وهب الله فلانا ولدا صالحا، ومنه قوله تعالى: فهب لي من لدنك وليا (5 ) يرثني ، ويقال: وهبه مالا، ولا يقال: وهب منه، ويسمى الموهوب هبة وموهبة، والجمع هبات ومواهب.

        والوهوب: الرجل الكثير الهبات، ووهبت له هبة، وموهبة، ووهبا، ووهبا; إذا أعطيته، ووهب الله له الشيء، فهو يهب هبة.

        ورجل واهب ووهاب ووهوب ووهابة، أي: كثير الهبة لأمواله، والهاء للمبالغة، والموهوب: الولد، صفة غالبة، وتواهب الناس: وهب بعضهم لبعض.

        والاستيهاب: سؤال الهبة، واتهب: قبل الهبة. واتهبت منك درهما، افتعلت، من الهبة، والاتهاب: قبول الهبة.

        والموهبة: الهبة، بكسر الهاء، وجمعها مواهب، وواهبه فوهبه يهبه ويهبه: كان أكثر هبة منه، والموهبة: العطية، ويقال للشيء إذا كان معدا عند الرجل مثل الطعام: هو موهب، بفتح الهاء، وأصبح فلان موهبا بكسر الهاء، أي: معدا قادرا، وأوهب لك الشيء: أعده، وأوهب لك الشيء: دام، قال أبو زيد وغيره: أوهب الشيء; إذا دام، وأوهب الشيء; إذا كان معدا عند الرجل، فهو موهب.

        وأوهب لك الشيء: أمكنك أن تأخذه وتناله; عن ابن الأعرابي وحده، قال: ولم يقولوا: أوهبته لك.

        [ ص: 31 ] وفي المصباح المنير: "وهبت لزيد مالا أهبه له هبة: أعطيته بلا عوض، يتعدى إلى الأول باللام.

        وفي التنزيل: يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور .

        ووهبا بفتح الهاء وسكونها، وموهبا وموهبة بكسرهما، قال ابن القوطية والسرقسطي والمطرزي وجماعة: ولا يتعدى إلى الأول بنفسه، فلا يقال: وهبتك مالا، والفقهاء يقولونه، وقد يجعل له وجه، وهو أن يضمن وهب معنى جعل، فيتعدى بنفسه إلى مفعولين، ومن كلامهم: وهبني الله فداك، أي: جعلني، لكن لم يسمع في كلام فصيح".

        التالي السابق


        الخدمات العلمية