الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثانية: حكم هبة الأب لبعض أولاده من حيث الصحة

        القائلون بجواز تخصيص أو تفضيل بعض الأولاد بالهبة يرون صحة هذه الهبة.

        وأما المانعون من تخصيص أو تفضيل الأب بعض الأولاد بالهبة، فاختلفوا في حكم صحة هذه الهبة على قولين:

        القول الأول: أن الهبة صحيحة.

        وهو قول الشافعية، والمذهب عند الحنابلة، واختاره ابن تيمية.

        وحجته:

        1 - حديث النعمان بن بشير، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: "فارتجعه"، والارتجاع فرع عن الصحة.

        2 - أن ما أعطاه الأب لأحد أولاده هبة استوفت شروطها وأركانها، فكانت صحيحة، والنهي وارد على أمر خارج عن الأركان والشروط.

        [ ص: 485 ] ونوقش هذا الاستدلال: بأن ما ذكر مسلم به لولا النص الوارد في هذه المسألة وهو أمره صلى الله عليه وسلم لبشير رضي الله عنه برد ما وهبه للنعمان رضي الله عنهما، فلو كانت الهبة صحيحة لما أمره بذلك.

        وأجيب عنه: بما تقدم.

        القول الثاني: أن الهبة باطلة.

        وبه قال بعض المالكية، والظاهرية، ورواية عند الحنابلة.

        وحجتهم:

        حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وفيه قوله: "فارتجعه". والارتجاع يقتضي بطلان الهبة.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأن الارتجاع لا يلزم منه البطلان، كالارتجاع في السلعة المبيعة، أو المدلسة لا يلزم منه بطلان البيع، وإنما لأجل العدل بين الأولاد.

        الترجيح:

        لعل الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن الأب إذا حابى بعض أولاده في الهبة، ولم يسو بين البقية، أو يرجع في هبة المفضلين فإن الهبة صحيحة; وذلك لوجاهة ما استدلوا به.

        [ ص: 486 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية