الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب السادس: سؤال الهبة

        يجوز سؤال الهبة إذا ترتب على ذلك مصلحة، بل مستحب للمصلحة، ولا يدخل في سؤال المال المنهي عنه.

        ويدل لهذا:

        (12 ) ما رواه مسلم من طريق أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء [ ص: 58 ] العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راق؟ فإن سيد الحي لديغ، فقال رجل منهم: نعم، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ الرجل، فأعطي قطيعا من غنم، فأبى أن يقبلها... ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا منهم واضربوا لي بسهم".

        (13 ) ولما روى البخاري ومسلم من طريق أبي حازم، عن عبد الله بن أبي قتادة السلمي، عن أبيه عنه، وفيه: "..... فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عن ذلك، فقال: معكم منه شيء؟ فقلت: نعم، فناولته العضد فأكلها حتى نفدها وهو محرم".

        قال ابن حجر: "قال ابن بطال: استيهاب الصديق حسن إذا علم أن نفسه تطيب به، وإنما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أبي سعيد وأبي قتادة وغيرهما ليؤنسهم به، ويرفع عنهم اللبس في توقفهم في جواز ذلك".

        قال النووي تحت حديث جابر رضي الله عنه في قصة سرية أبي عبيدة رضي الله عنه وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا".

        "وفي هذا دليل على أنه لا بأس بسؤال الإنسان من مال صاحبه ومتاعه إدلالا عليه، وليس هو من السؤال المنهي عنه، إنما ذلك في حق الأجانب للتمول ونحوه، وأما هذه فللمؤانسة والملاطفة والإدلال".

        [ ص: 59 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية