الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وأجرة البيت الذي يحفظ فيه الرهن على المرتهن وكذلك أجرة الحافظ وأجرة الراعي ونفقة الرهن على الراهن ) والأصل أن ما يحتاج إليه لمصلحة الرهن وتبقيته فهو على الراهن سواء كان في الرهن فضل أو لم يكن ; لأن العين باق على ملكه ، وكذلك منافعه مملوكة له فيكون إصلاحه وتبقيته عليه لما أنه مؤنة ملكه كما في الوديعة ، وذلك مثل النفقة في مأكله ومشربه ، وأجرة الراعي في معناه ; لأنه علف الحيوان ، ومن هذا الجنس كسوة الرقيق وأجرة ظئر ولد الرهن ، وسقي البستان ، وكري النهر وتلقيح نخيله وجذاذه ، والقيام بمصالحه ، وكل ما كان لحفظه أو لرده إلى يد المرتهن أو لرد جزء منه فهو على المرتهن مثل أجرة الحافظ ; لأن الإمساك حق له والحفظ واجب عليه فيكون بدله عليه ، وكذلك أجرة البيت الذي يحفظ الرهن فيه ، وهذا في ظاهر الرواية

وعن أبي يوسف أن كراء المأوى على الراهن بمنزلة النفقة ; لأنه سعى في تبقيته ، ومن هذا القسم جعل الآبق فإنه على المرتهن ; لأنه محتاج إلى إعادة الاستيفاء التي كانت له ليرده فكانت مؤنة الرد فيلزمه ، وهذا إذا كانت قيمة الرهن والدين سواء ، وإن كانت قيمة الرهن أكثر فعليه بقدر المضمون وعلى الراهن بقدر الزيادة عليه ; لأنه أمانة في يده والرد لإعادة اليد ، ويده في الزيادة يد المالك إذ هو كالمودع فيها فلهذا يكون على المالك ، وهذا بخلاف أجرة البيت الذي ذكرناه فإن كلها تجب على المرتهن ، وإن كان في قيمة الرهن فضل ; لأن وجوب ذلك بسبب الحبس ، وحق الحبس في الكل ثابت له

فأما الجعل إنما يلزمه لأجل الضمان فيتقدر بقدر المضمون ومداواة الجراحة والقروح ومعالجة الأمراض والفداء من الجناية تنقسم على المضمون والأمانة ، والخراج على الراهن خاصة ; لأنه من مؤن الملك ، والعشر فيما يخرج مقدم على حق المرتهن لتعلقه بالعين

[ ص: 152 ] ولا يبطل الرهن في الباقي ; لأن وجوبه لا ينافي ملكه ، بخلاف الاستحقاق ، وما أداه أحدهما مما وجب على صاحبه فهو متطوع ، وما أنفق أحدهما مما يجب على الآخر بأمر القاضي رجع عليه كأن صاحبه أمره به ; لأن ولاية القاضي عامة

وعن أبي حنيفة أنه لا يرجع إذا كان صاحبه حاضرا وإن كان بأمر القاضي

وقال أبو يوسف إنه يرجع في الوجهين ، وهي فرع مسألة الحجر ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية