الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال : ( وإن nindex.php?page=treesubj&link=9165_25486_9162_9351رمى عبدا فأعتقه مولاه ثم وقع السهم به فعليه قيمته للمولى ) عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : عليه فضل ما بين قيمته مرميا إلى غير مرمي ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف مع قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . له أن العتق قاطع للسراية ، وإذا انقطعت بقي مجرد الرمي وهو جناية ينتقص بها قيمة المرمي [ ص: 269 ] إليه بالإضافة إلى ما قبل الرمي فيجب ذلك . ولهما أنه يصير قاتلا من وقت الرمي لأن فعله الرمي وهو مملوك في تلك الحالة فتجب قيمته ، بخلاف القطع والجرح لأنه إتلاف بعض المحل ، وأنه يوجب الضمان للمولى ، وبعد السراية لو وجب شيء لوجب للعبد فتصير النهاية مخالفة للبداية . أما الرمي قبل الإصابة ليس بإتلاف شيء منه لأنه لا أثر له في المحل . وإنما قلت الرغبات فيه فلا يجب به ضمان فلا تتخالف النهاية والبداية فتجب قيمته للمولى . [ ص: 270 ] nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر وإن كان يخالفنا في وجوب القيمة نظرا إلى حالة الإصابة فالحجة عليه ما حققناه . .
. ( قوله وقول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف مع قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمهما الله ) قلت : لعل وجه عدول المصنف هاهنا عن التحرير المألوف حيث لم يقل فيما قبل عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف كما هو المعتاد في نظائره ، بل قال بعد بيان الخلاف بين nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف مع nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله هو أن كون nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف مع nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في هذه المسألة ليس مما اتفقت عليه الروايات ، لأن الفقيه nindex.php?page=showalam&ids=11903أبا الليث ذكر قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف مع nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في شرح الجامع الصغير في هذه المسألة .
وذكر فخر الإسلام البزدوي في شرحه قوله مع nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة كما بين في غاية البيان . فلو قال المصنف في أول المسألة عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف لفهم منه اتفاق الروايات عليه بناء [ ص: 269 ] على ما هو المألوف في نظائره فغير الأسلوب إشارة إلى أن فيه اختلاف الرواية وأن المختار عنده كون قوله مع nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ( قوله ولهما أنه يصير قاتلا من وقت الرمي لأن فعله الرمي وهو مملوك في تلك الحالة فتجب قيمته ) قال الشراح : مر nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة في هذه المسألة على أصله ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف فرق بين هذه وبين ما تقدم .
ووجه الفرق أن المرمي إليه خرج بالارتداد من أن يكون معصوما فصار مبرأ عن الجناية ، إذ الضمان يعتمد العصمة والردة تنافيها . وأما الإعتاق فإنه لا ينافي العصمة فيجب عليه ضمان قيمته للمولى انتهى .
أقول : في وجه الفرق نظر ، لأن الإعتاق وإن لم يناف العصمة إلا أنه ينافي كون المحل مالا متقوما فينبغي أن يصير المولى أيضا مبرأ عن ضمان قيمة العبد المرمي إليه بإعتاقه إياه قبل الإصابة ، لأن ضمان القيمة إنما يتصور فيما هو مال متقوم ، ولما أخرجه المولى بالإعتاق من أن يكون مالا متقوما فقد أسقط حقه في قيمته ; ألا يرى أن المغصوب منه إذا أعتق العبد المغصوب صار مبرئا للغاصب عن الضمان بإسقاط حقه بالإجماع كما صرحوا به فلم لم يكن الأمر كذلك فيما نحن فيه ؟ ثم إن صاحب العناية بعد أن ذكر الفرق المزبور من قبل nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف قال : ومن هذا يعلم أن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف يعتبر وقت الرمي إلا في صورة الارتداد انتهى .
أقول : ليس هذا بسديد ، لأنه مع كونه ظاهر الفساد إذ لو لم يعتبر nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف وقت الرمي في صورة الارتداد لما صح منه القول بأنه صار بالارتداد مبرأ عن الضمان ، فإن الإبراء إنما يصح بعد انعقاد السبب مخالف لما صرح به كبار المشايخ في شروح الجامع الصغير كما ذكر في النهاية ومعراج الدراية ، فإنه قال في النهاية : وهما يقولان بقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في أن المعتبر حالة الرمي ولهذا وافقاه في هذه المسائل : يعني المسائل الآتية في الكتاب ونظائرها ، إلا أن المرمي إليه في مسألتنا لما ارتد صار مبرئا للرامي عن الدية بإخراجه نفسه من أن يكون معصوما وفعله معتبر في إسقاط حقه ، كما إذا أبرأ المغصوب منه الغاصب بإعتاق المغصوب على ما ذكرنا ، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة يقول : إن قولهما إنه بالارتداد صار مبرأ عن ضمان الجناية غير صحيح ، لأن في اعتقاد المرتد أن الردة لا تبطل التقوم فكيف يصير مبرأ عن ضمان الجناية ، كذا في الجامع الصغير لقاضي خان والتمرتاشي والمحبوبي انتهى .
وقال في معراج الدراية : وأصحابنا اعتبروا حالة الرمي كما في هذه المسألة ، وكذا مسألة الرجم على ما يجيء ، وكذا في مسألة الرمي ثم تمجس ، وكذا في مسألة المحرم على ما سيجيء ، إلا أنهما يقولان في مسألة إن nindex.php?page=treesubj&link=9282_9151رمى مسلما فارتد أنه بالارتداد يصير مبرئا للرامي عن الضمان ، ولهذا قالا : يصير بالارتداد مبرأ ، والإبراء إنما يصح بعد انعقاد السبب ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقول بالارتداد لا يصير مبرأ ، لأن في اعتقاد المرتد أن الردة لا تبطل التقوم فكيف يصير مبرأ عن الضمان ، كذا في جامع قاضي خان والتمرتاشي والمحبوبي انتهى ( قوله أما الرمي قبل الإصابة ليس بإتلاف شيء لأنه لا أثر له في المحل ) أقول : لمتوهم أن يتوهم أن هذا الكلام [ ص: 270 ] ينافي ما قاله في صدر دليلهما من أنه يصير قاتلا من وقت الرمي ، فإن القتل لا يتصور بدون إتلاف شيء من المقتول .
والجواب أن معنى ما قاله في صدر دليلهما هو أنه يصير بمنزلة القاتل من وقت الرمي من جهة استناد الحكم إلى وقت الرمي عند الاتصال بالمحل ، وقد أشار إليه صاحب الغاية بقوله هنا : وإنما انقلب الرمي علة للإتلاف عند الاتصال بالمحل بطريق استناد الحكم إلى وقت الرمي فكأنه وجد من ذلك الوقت انتهى