الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال علي كرم الله وجهه : تبذل ولا تشتهر ولا ترفع شخصك لتذكر وتعلم واكتم واصمت تسلم ، تسر الأبرار ، وتغيظ الفجار .

وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله ما صدق الله من أحب الشهرة .

وقال أيوب السختياني والله ما صدق الله عبد إلا سره أن لا يشعر بمكانه .

وعن خالد بن معدان .

أنه كان إذا كثرت حلقته قام مخافة الشهرة .

وعن أبي العالية أنه كان إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة قام .

ورأى طلحة قوما معه نحوا من عشرة فقال : ذباب طمع ، وفراش نار .

وقال سليم بن حنظلة بينا : نحن حول أبي بن كعب نمشي خلفه إذ رآه عمر ، فعلاه بالدرة ، فقال انظر يا أمير المؤمنين ما : تصنع ، فقال : إن هذه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع وعن الحسن قال : خرج ابن مسعود يوما من منزله فاتبعه ، ناس ، فالتفت إليهم ، فقال : علام تتبعوني ؟! فوالله لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ما اتبعني منكم رجلان وقال الحسن إن خفق النعال حول الرجال قلما تلبث عليه قلوب الحمقى .

وخرج الحسن ذات يوم فاتبعه قوم ، فقال : هل لكم من حاجة ؟! وإلا فما عسى أن يبقي هذا من قلب المؤمن .

وروي أن رجلا صحب ابن محيريز في سفر ، فلما فارقه قال : أوصني فقال : إن استطعت أن تعرف ولا تعرف ، وتمشي ولا يمشى إليك وتسأل ولا تسئل فافعل .

وخرج أيوب في سفر ، فشيعه ناس كثيرون فقال : لولا أني أعلم أن الله يعلم من قلبي أني لهذا كاره لخشيت المقت من الله عز وجل .

وقال معمر عاتبت أيوب على طول قميصه ، فقال :

إن الشهرة فيما مضى كانت في طوله وهي اليوم في تشميره .

وقال بعضهم : كنت مع أبي قلابة إذ دخل عليه رجل عليه أكسية فقال إياكم وهذا الحمار الناهق يشير به إلى طلب الشهرة .

وقال الثوري كانوا يكرهون الشهرة من الثياب الجيدة والثياب الرديئة إذ الأبصار تمتد إليهما جميعا .

وقال رجل لبشر بن الحارث .

أوصني فقال : أخمل ذكرك ، وطيب مطعمك .

وكان حوشب يبكي ويقول : بلغ اسمي مسجد الجامع .

وقال بشر ما أعرف رجلا أحب أن يعرف إلا ذهب دينه وافتضح .

وقال أيضا : لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس .

رحمة الله عليه وعليهم أجمعين .

التالي السابق


(وقال علي -رضي الله عنه-: تبذل ولا تشهر) نفسك (ولا ترفع شخصك لتعلم) وفي نسخة: لتذكر وتعلم (واكتم) أمرك (واصمت تسلم، تسر الأبرار، وتغيظ الفجار. وقال إبراهيم بن أدهم) رحمه الله تعالى: (ما صدق الله من أحب الشهرة) أخرجه أبو نعيم في الحلية .

(وقال أيوب) بن أبي تميمة السختياني البصري رحمه الله تعالى: (والله ما صدق الله عبد إلا سره أن لا يشعر بمكانه) رواه أبو نعيم في الحلية، عن عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثني أحمد بن ...كردومن، حدثنا مخلد، عن أبي بكر بن المفضل، قال: سمعت أيوب يقول، فساقه .

(وعن) أبي عبد الله (خالد بن معدان) الكلاعي الحمصي، ثقة، عابد، وكان يسبح في اليوم والليلة أربعين ألف تسبيحة، سوى ما كان يقرأ من القرآن، مات سنة ثلاث ومائة، روى له الجماعة (أنه كان إذا كثرت حلقته قام مخافة الشهرة .

وعن أبي العالية) رفيع بن مهران الرياحي، ثقة روى له الجماعة (أنه كان إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة قام) من مجلسه أي: مخافة الشهرة .

(ورأى طلحة) بن عبد الله التميمي القرشي أحد العشرة، رضي الله عنه (قوما يمشون معه أكثر من عشرة) وفي نسخة: نحوا من عشرة (فقال: ذباب طمع، وفراش نار) شبههم بالذباب والفراش لتهالكهما على الطعام والنار .

(وقال سليم بن حنظلة: بينما نحن حول أبي بن كعب) رضي الله عنه (نمشي خلفه إذ رآه عمر رضي الله عنه، فعلاه بالدرة، فقال) أبي: (يا أمير المؤمنين: انظر ماذا تصنع، فقال: إن هذه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع) .

وقد وقع مثل ذلك لعلي -رضي الله عنه- لما ورد الكوفة قادما من صفين، وتبعه الحارث بن شرحبيل الشامي -وكان من وجوه قومه- ماشيا خلفه، وهو رضي الله عنه راكب، فقال له: ارجع؛ فإن مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي ومذلة للمؤمن .

(وعن الحسن) البصري رحمه الله تعالى (قال: خرج ابن مسعود) رضي الله عنه (يوما من منزله، فتبعه ناس، فالتفت إليهم، فقال: علام تتبعونني؟! فوالله لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ما تبعني منكم رجلان) نقله صاحب القوت، وفي رواية قال لهم: "ارجعوا؛ فإنه ذل للتابع وفتنة للمتبوع" .

(وقال الحسن ) البصري رحمه الله تعالى: (إن خفق النعل حول الرجال قلما تثبت معه قلوب الحمقى) نقله صاحب القوت .

(وخرج الحسن) رحمه الله تعالى (ذات يوم فاتبعه [ ص: 234 ] قوم، فقال: هل لكم من حاجة؟! وإلا فما عسى أن يبقي هذا من قلب المؤمن) نقله صاحب القوت .

(وروي أن رجلا صحب ابن محيريز) هو عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي المكي، نزل بيت المقدس، تابعي، ثقة، عابد، مات سنة تسع وتسعين، روى له الجماعة (في سفر، فلما فارقه قال: أوصني، قال: إن استطعت أن تعرف ولا تعرف، وتمشي ولا يمشى إليك) وفي نسخة: حواليك، وفي نسخة أخرى: معك وإليك (وتسأل ولا تسأل فافعل) .

وقال الزهري: ما رأينا الزهد في شيء أقل منه في الرياسة، ترى الرجل يزهد في المطعم والمشرب والمال، فإذا نوزع الرياسة حامى إليها وعادى .

(وخرج أيوب) بن أبي تميمة السختياني (في سفر، فشيعه ناس كثير) من أهل البصرة (فقال: لولا أني أعلم أن الله تعالى يعلم من قلبي أني لهذا كاره لخشيت المقت من الله تعالى) .

وروي عن شعبة قال: ربما ذهبت مع أيوب في الحاجة أريد أن أمشي فلا يدعني، فيخرج فيأخذ ههنا وههنا لكيلا يفطن له. قال شعبة: وقال أيوب: ذكرت ولا أحب أن أذكر .

(وقال معمر) بن راشد الأزدي، مولاهم، البصري، نزيل اليمن، مات سنة أربع وخمسين، روى له الجماعة: (عاتبت أيوب) السختياني (في طول قميصه، فقال: إن الشهرة فيما مضى كانت في طوله وهي اليوم في تشميره) .

قال أبو نعيم في الحلية: حدثنا أبو حامد بن جبلة حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: كتب إلي عبد الرزاق، عن معمر قال: "كان في قميص أيوب بعض التذييل، فقيل له، فقال: الشهرة اليوم في التشمير" .

(وقال بعضهم: كنت مع أبي قلابة) عبد الله بن زيد الحربي البصري (إذ دخل عليه رجل عليه أكسية فقال) لمن حوله: (إياكم وهذا الحمار النهاق) أي: الكثير النهيق، وهو كونه (يشير به إلى طلب الشهرة) نقله صاحب القوت .

(وقال) سفيان (الثوري) رحمه الله تعالى: (كانوا يكرهون الشهرتين الثياب الجيدة والثياب الردية إذ الأبصار تمتد إليهما جميعا) أخرجه أبو نعيم في الحلية .

(وقال رجل لبشر بن الحارث) الحافي رحمه الله تعالى: (أوصني، قال: أخمل ذكرك، وطيب مطعمك) نقله صاحب القوت .

(وكان حوشب) بن عقيل أبو حية البصري، ثقة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه (يبكي ويقول: بلغ اسمي مسجد الجامع) يعني به جامع البصرة، نقله صاحب القوت .

(وقال بشر) الحافي رحمه الله تعالى: (ما أعرف رجلا أحب أن يعرف إلا ذهب دينه وافتضح) نقله صاحب القوت .

(وقال) بشر (أيضا: لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس) نقله صاحب القوت .




الخدمات العلمية