( وإن على الأصح في الروضة ، وقال كانت الدابة وحدها ) وقد أرسلها في الصحراء الرافعي إنه الوجه ، ( فأتلفت زرعا أو غيره نهارا لم يضمن صاحبها ) أي : من يده عليها بحق كوديع أو أجير أو غيره كغصب ، وإن نازع البلقيني في نحو الوديع بأن عليه أن لا يرسلها إلا بحافظ ، ويرد بأن هذا عليه من جهة حفظها لا من جهة إتلافها ، بل العادة محكمة فيه كالمالك ، ( أو ليلا [ ص: 207 ] ضمن ) للحديث الصحيح بذلك الموافق للعادة الغالبة في حفظ نحو الزرع نهارا والدابة ليلا ، ومن ثم لو جرت عادة بلد بعكس ذلك انعكس الحكم أو بحفظها فيهما ضمن فيهما كما بحثه البلقيني ، وقياسه أنها لو جرت بعدمه فيهما لم يضمن فيهما ، أما لو أرسلها في البلد فيضمن مطلقا خلافا لما اقتضاه كلامهما في الدعاوى لمخالفته العادة ، وقضيته أن العادة لو اطردت به أدير الحكم عليها أيضا كالصحراء إلا أن يفرق بغلبة ضرر المرسلة بالبلد فلم تقو فيها العادة على عدم الضمان ، ويؤيده قول الرافعي : إن ، وحينئذ فيحمل تعليلهم بها على أن الغالب في سائر البلاد عدم إرسالها بالبلد ، فلم ينظر لعادة مخالفة لها بخلاف الصحراء ، فإن العادة لم تستقر فيها بشيء على العموم ، فأناطوا الحكم في كل محل بعادة أهله ، واستثنى من عدم الضمان نهارا المذكور في المتن ما إذا الدابة في البلد تراقب ولا ترسل وحدها فإنه يضمن ما أفسدته ليلا أو نهارا ؛ لأن العادة حينئذ أنها لا ترسل بلا راع ، ومن ثم لو اعتيد إرسالها بدونه فلا ضمان كما صرحوا به وحينئذ فلا استثناء ؛ لأن المدار في كل على ما اعتيد فيه ، ولا ينافي هذا ما قدمته في البلد ؛ لأن العادة مختلفة غالبا هنا لا ثم ، وما لو تكاثرت فعجز أصحاب الزروع عن ردها فيضمن أصحابها كما رجحه توسطت المراعي المزارع فأرسلها بلا راع البلقيني لمخالفته للعادة ، وما لو فيضمن متلفها نهارا ، وإن اتسع الطريق ما لم يأذن له الإمام في الواسع وما لو أرسلها في موضع مغصوب فانتشرت منه لغيره وأفسدته فيضمنه مرسلها ولو نهارا كما بحثه ربط دابة بطريق البلقيني أخذا من كلام القاضي .
وإذا أخرجها عن ملكه فضاعت أو رمى عنها متاعا حمل عليها تعديا [ ص: 208 ] لا في نحو مفازة فلا ضمان عليه على الأوجه إن خشي من بقائها بملكه إتلافها لشيء وإن قل بخلاف ما إذا لم يخش ذلك ولم يسيبها مالكها به فيحتمل حينئذ الضمان ؛ لأنها حينئذ فيلزمه حفظها وإعلامه بها فورا ، ويحتمل عدمه ، والفرق أن للدابة اختيارا بخلاف الثوب ، وكلامهم في الأمانة الشرعية أقرب إلى الأول وهنا أقرب إلى الثاني والأول أوجه ، فإن قلت : يفرق أيضا بأن له هنا غرضا صحيحا في تفريغ ملكه ، قلت : ينجبر ذلك بأن على مالكها أجرة محلها كما مر في الوديعة أن وجوب قبولها لا يمنع أخذ أجرة حرزه ونحوه ، ثم رأيت شارحا أشار إلى الأول بتقييد إخراجها عن ملكه بما إذا أتلفت شيئا ا هـ . وظاهر أن خشية الإتلاف مع العجز عن حفظها كالإتلاف . ثم رأيت في الروضة وغيرها أن المالك حيث سيبها لم يضمن بإخراجها وإلا ضمنت ؛ لأن المالك لما لم يقصر لزم ردها إليه إن وجد وإلا فالحاكم ، وظاهر تقييد هذا بما قدمته أن الفرض أنه لم يخش من بقائها بملكه إتلافها لشيء ، ( إلا أن لا يفرط في ربطها ) بأن أحكمه وأغلق الباب واحتاط على العادة فخرجت ليلا لنحو حلها أو فتح لص للباب لعدم تقصيره . [ ص: 209 ] كثوب طيرته الريح إلى داره
وكذا لو خلاها بمحل بعيد لم يعتد ردها منه للمنزل كما نقله البلقيني واعتمده ، ويؤيده قولهم : لو بعد المرعى عن المزارع وفرض انتشار البهائم إلى أطرافها فلا ضمان على مرسلها إليه لما أتلفته مطلقا لانتفاء تقصيره ، ( أو ) فرط مالك ما أتلفته كأن عرضه أو وضعه بطريقها أو ( حضر صاحب الزرع ) مثلا ( وتهاون في دفعها ) عنه لتفريطه ، نعم إن حف محله بالمزارع ولزم من إخراجها منه دخولها لها لزمه إبقاؤها بمحله ، ويضمن صاحبها ما أتلفته أي قبل تمكنه من نحو ربط فمها فيما يظهر ، وإلا فهو المتلف لماله ولو كان الذي بجانبه زرع مالكها ، فهل له إخراجها إليه ؟ فيه تردد ويتجه أنه لا يخرجها إليه ؛ لأنه لا ضرر عليه في إبقائها بمحله لما تقرر أن مالكها يضمن متلفها ، وأفهم قوله : وتهاون أن له تنفيرها عن زرعه بقدر الحاجة بحيث يأمن من عودها ، فإن زاد ولو داخل ملكه ضمن ما لم يكن مالكها سيبها كما مر ( ، وكذا إن كان الزرع في محوط له باب تركه مفتوحا في الأصح ) ؛ لأنه مقصر بعدم غلقه