الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ومن شرب ما يزيل عقله لغير حاجة : ففي صحة طلاقه روايتان ) . اعلم أن كثيرا من الأصحاب ألحقوا بالسكران : من شرب أو أكل ما يزيل عقله لغير حاجة . كالمزيلات للعقل غير الخمر من المحرمات ، والبنج ، ونحوه فجعلوا فيه الخلاف الذي في السكران . منهم ابن حامد وأبو الخطاب ، في الهداية ، وصاحب المذهب ، ومسبوك المذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمصنف هنا ، وفي الكافي ، والمغني ، والشارح ، وابن منجا في شرحه ، وصاحب التصحيح ، وغيرهم . وقدمه في الرعايتين ، والزبدة . ومن أطلق الخلاف في السكران أطلقه هنا ، إلا صاحب الخلاصة . فإنه جزم بالوقوع من السكران . وأطلق الخلاف هنا ، وصحح في التصحيح الوقوع فيهما . واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله : أنه كالسكران . قال : لأنه قصد إزالة العقل بسبب محرم . وقال في الواضح : إن تداوى ببنج فسكر : لم يقع . [ ص: 438 ] وصححه في القاعدة الثانية بعد المائة . قال في الفروع : وهو ظاهر كلام جماعة . قال في الجامع الكبير : إن زال عقله بالبنج : نظرت . فإن تداوى به : فهو معذور . ويكون الحكم فيه كالمجنون . وإن تناول ما يزيل عقله لغير حاجة : كان حكمه كالسكران . والتداوي حاجة . انتهى .

قلت : ظاهر كلام المصنف : أنه إذا تناوله لحاجة : أنه لا يقع . وصرح به المصنف في المغني وغيره . واعلم أن الصحيح من المذهب : أن تناول البنج ونحوه لغير حاجة ، إذا زال العقل به : كالمجنون ، لا يقع طلاق من تناوله . نص عليه ; لأنه لا لذة فيه . وفرق الإمام أحمد رحمه الله بينه وبين السكران . فألحقه بالمجنون . وقدمه في النظم ، والفروع . وهو ظاهر ما قدمه في المحرر ، ومال إليه . قال في المنور : لا يقع من زائل العقل إلا بمسكر محرم . وهو الظاهر من كلام الخرقي . فإنه قال : وطلاق الزائل العقل بلا سكر ، لا يقع . قال الزركشي : قد يدخل ذلك في كلام الخرقي . وقال في الرعايتين ، والحاوي الصغير : وإن أثم بسكر ونحوه ، فروايتان . ثم ذكر حكم البنج ونحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية