الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويجوز النظر إلى الغلام لغير شهوة ) . النظر إلى الأمرد لغير شهوة على قسمين .

أحدهما : أن يأمن ثوران الشهوة . فهذا يجوز له النظر من غير كراهة . على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، وغيرهم . وقاله أبو حكيم ، وغيره . ولكن تركه أولى . صرح به ابن عقيل . قيل : وأما تكرار النظر : فمكروه . وقال أيضا ، في كتاب القضاء : تكرار النظر إلى الأمرد محرم ، لأنه لا يمكن بغير شهوة . [ ص: 29 ] قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ومن كرر النظر إلى الأمرد أو داومه ، وقال : إني لا أنظر بشهوة ، فقد كذب في ذلك وقال القاضي : نظر الرجل إلى وجه الأمرد مكروه . وقال ابن البنا : النظر إلى الغلام الأمرد الجميل مكروه . نص عليه . وكذا قال أبو الحسين .

القسم الثاني : أن يخاف من النظر ثوران الشهوة فقال الحلواني : يكره . وهل يحرم ؟ على وجهين . وحكى صاحب الترغيب ثلاثه أوجه : التحريم ، وهو مفهوم كلام صاحب المحرر . فإنه قال : يجوز لغير شهوة إذا أمن ثورانها . واختاره الشيخ تقي الدين ، فقال : أصح الوجهين لا يجوز . كما أن الراجح في مذهب الإمام أحمد رحمه الله : أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة : لا يجوز . وإن كانت الشهوة منتفية ، لكن يخاف ثورانها . وقال المصنف في المغني : إذا كان الأمرد جميلا يخاف الفتنة بالنظر إليه : لم يجز تعمد النظر إليه . قال في الفروع ، ونصه : يحرم النظر خوف الشهوة .

والوجه الثاني : الكراهة وهو الذي ذكره القاضي في الجامع . وجزم به الناظم .

والوجه الثالث : الإباحة . وهو ظاهر كلام المصنف هنا ، وكثير من الأصحاب والمنقول عن الإمام أحمد رحمه الله : كراهة مجالسة الغلام الحسن الوجه . وقال في الرعاية الكبرى : ويحرم النظر إلى الأمرد لشهوة . ويجوز بدونها مع منها . وقيل : وخوفها [ ص: 30 ] وقال في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : وإن خاف ثورانها فوجهان .

فائدة :

قال ابن عقيل : يحرم النظر مع شهوة تخنيث وسحاق ، وإلى دابة يشتهيها ولا يعف عنه . وكذا الخلوة بها . قال في الفروع : وهو ظاهر كلام غيره .

فوائد :

منها : قوله ( ولا يجوز النظر إلى أحد ممن ذكرنا لشهوة ) . وهذا بلا نزاع . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ومن استحله كفر إجماعا . كذا لا يجوز النظر إلى أحد ممن تقدم ذكره إذا خاف ثوران الشهوة . نص عليه . واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره . ومنها : معنى الشهوة التلذذ بالنظر . ومنها : لمس من تقدم ذكره كالنظر إليه على قول . وعلى قول آخر : هو أولى بالمنع من النظر . واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله . وجزم به في الرعايتين ، والحاوي الصغير . وهو الصواب . وأطلقهما في الفروع .

التالي السابق


الخدمات العلمية