الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
الأمر الحادي عشر: nindex.php?page=treesubj&link=7218هبة المرتد:
قبول المرتد للهبة صحيح بالاتفاق; إذ لا يحجر عليه في أسباب التملك.
واختلف العلماء رحمهم الله في حكم هبة المرتد، وذلك بناء على اختلافهم في حكم تصرفات المرتد المالية على أقوال:
القول الأول: أن هبة المرتد موقوفة إن أسلم بان نفوذها، وإلا بان فسادها.
[ ص: 206 ] وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في القديم، وابن قدامة، وصاحب الشرح الكبير.
القول الثاني: أن هبته باطلة.
وبه قال المالكية، والشافعي في الجديد، والحنابلة.
القول الثالث: أن هبته نافذة.
وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف، nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن، وبعض الحنابلة.
الأدلة:
دليل القول الأول:
1 - أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتعرضوا لعقود المرتدين لما رجعوا للإسلام.
2 - أن المرتد حربي مقهور تحت أيدينا، فصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان فنأسره، فتتوقف تصرفاته لتوقف حاله، وفي الأهلية خلل لاستحقاق القتل لبطلان سبب العصمة.
دليل القول الثاني: أن ملكه قد زال بردته، فلا تصح تصرفاته; لتصرفه في ملك غيره.
ونوقش: بعدم التسليم بزوال ملكه.
دليل القول الثالث: أن الصحة تعتمد الأهلية، والنفاذ يعتمد الملك، والنفاذ والملكية موجودان.
[ ص: 207 ] الترجيح:
الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لما فيه من الجمع بين الأدلة، وأيضا، فإن ملكه تعلق بحق غيره مع بقاء ملكه، فكان تصرفه موقوفا كتبرع المريض.