الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أيها المغرور: أما علمت أن خوفك من اقتحام الشبهات أعلى وأفضل وأعظم لقدرك عند الله من اكتساب الشبهات وبذلها في سبيل الله وسبيل البر ؟! بلغنا ذلك عن بعض أهل العلم قال : لأن تدع درهما واحدا مخافة أن لا يكون حلالا خير لك من أن تتصدق بألف دينار من شبهة لا تدري أيحل لك أم لا فإن زعمت أنك أتقى وأورع من أن تتلبس بالشبهات ، وإنما تجمع المال بزعمك من الحلال للبذل في سبيل الله ، ويحك ! إن كنت كما زعمت بالغا في الورع ، فلا تتعرض للحساب ، فإن خيار الصحابة خافوا المسألة وبلغنا أن بعض الصحابة قال : « ما سرني أن أكتسب كل يوم ألف دينار من حلال وأنفقها في طاعة الله ، ولم يشغلني الكسب عن صلاة الجماعة ، قالوا : ولم ذاك رحمك الله ? قال : لأني غني عن مقام يوم القيامة فيقول : عبدي ، من أين اكتسبت وفي أي شيء أنفقت ؟ فهؤلاء المتقون كانوا في جدة الإسلام والحلال موجود لديهم ، تركوا المال ؛ وجلا من الحساب ؛ مخافة أن لا يقوم خير المال بشره ، وأنت بغاية الأمن والحلال في دهرك مفقود .

تتكالب على الأوساخ .

التالي السابق


(أيها المغرور: أما علمت أن خوفك من اقتحام الشبهات أعلى وأفضل وأعظم لقدرك عند الله من اكتساب الشبهات وبذلها في سبيل الله وسبيل البر؟! بلغنا ذلك عن بعض أهل العلم قال: لأن تدع درهما واحدا مخافة أن لا يكون حلالا خير لك من أن تتصدق بألف دينار من شبهة لا تدري أيحل لك أم لا) تقدم في كتاب الحلال والحرام .

(فإن زعمت أنك أتقى وأورع من أن تتلبس بالشبهات، وإنما تجمع المال بزعمك من الحلال للبذل في سبيل الله تعالى، ويحك! إن كنت كما زعمت بالغا في الورع، فلا تتعرض للحساب، فإن خيار الناس خافوا المساءلة) بين يدي الله تعالى (بلغنا أن بعض الصحابة قال: "ما يسرني أن أكتسب كل يوم ألف دينار من حلال وأنفقه في طاعة الله، ولم يشغلني الكسب عن صلاة الجماعة، قالوا: ولم ذلك رحمك الله؟ قال: لأني غني عن مقام يوم القيامة فيقول: عبدي، من أين كسبت وفي أي شيء أنفقت؟) .

روي نحوه من قول أبي الدرداء -رضي الله عنه، قال أبو نعيم في الحلية: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن عبد الله، حدثنا عمر بن زرارة، حدثنا المحاربي، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة قال: قال أبو الدرداء: "بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا تاجر، فأردت أن تجتمع لي التجارة والعبادة فلم تجتمعا، فرفضت التجارة وأقبلت على العبادة، والذي نفس أبي الدرداء بيده [ ص: 221 ] ما أحب أن لي اليوم حانوتا على باب المسجد لا تخطئني فيه صلاة، أربح فيه كل يوم أربعين دينارا، أو أتصدق بها كلها في سبيل الله، قيل له: يا أبا الدرداء وما تكره من ذلك؟ قال: شدة الحساب".

ورواه محمد بن الجنيد التمار، عن المحاربي، فقال: عن عمرو بن مرة، عن أبيه. ورواه خيثمة، عن أبي الدرداء نحوه .

وروى أحمد في كتاب الزهد، ومن طريقه أبو نعيم قال: حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد الله بن يحيى، حدثنا أبو عبد ربه قال: قال أبو الدرداء: "ما يسرني أن أقوم على الدرج من باب المسجد فأبيع وأشتري فأصيب كل يوم ثلاثمائة دينار، أشهد الصلاة كلها في المسجد، ما أقول: إن الله لم يحل البيع ويحرم الربا، ولكن أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله".

ومن طريق محمد بن واسع أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان: "ويا أخي من لي ولك بأن نوافي يوم القيامة ولا نخاف حسابا".

(فهؤلاء المتقون كانوا في جدة الإسلام) أي: في أوله ونشاطه (والحلال موجود لديهم، تركوا المال؛ وجلا من الحساب؛ مخافة أن لا يقوم خير المال بشره، وأنت ثفالة الأمة) أي: رذالتها (والحلال في دهرك مفقود تتكالب على الأوساخ) وهي أعراض الدنيا .




الخدمات العلمية