الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ثمان وستين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها:

أني عقدت المجلس يوم عاشوراء بجامع المنصور فحضر من الجمع ما حزر بمائة ألف .

وفي صفر: جرت حادثة عجيبة وهو أن خادما سلم إلى غلام له مائة وخمسين دينارا ومضى إلى الحمام فأخذ الغلام المال وانحدر في الحال إلى النعمانية فلما خرج الخادم لم ير الغلام فأخذ معه غلاما تركيا من أصحاب قيماز وانحدر فوجد الغلام فأخذه وأخذ الغلام وقيده وتركه معه في السفينة ليصعد به إلى بغداد ثم إن الخادم نام فسأل الغلام التركي أن يحل يديه من القيد لما يلقى من الألم فحله التركي وقام فزحف وقتل الخادم وغلاما كان معه فنهض إليه التركي فقتله ثم جاء بالمال فتسلمه أصحاب التركات .

وفي هذا الشهر: قدمت خرق البحر مع المكيين كما جرت العادة .

وفي هذه الأيام: زاد الإرجاف بمجيء العسكر من باب همذان فغلت الأسعار وأخذ الخليفة في التجنيد وعمارة السور وجمع الغلات وعرض العسكر .

وفي هذه الأيام: شرع في ختان السادة وفرقت خلع كثيرة وعمل من المطاعم ما لا [ ص: 200 ] يحد فذكر أنه ذبح ثلاثة آلاف دجاجة وألف رأس من الغنم وعملت إحدى وعشرون ألف خشكنانكة من ستين كارة سميذا وشرع في عمارة دواليب على الشط قريبا من التاج فأحكمت .

وفي ربيع الآخر: درس ابن فضلان في المدرسة التي عملها فخر الدولة ابن المطلب عند عقد المأمونية وبنيت له دكة في جامع القصر .

وفي جمادى الأولى: جاء برد لم يسمع بمثله وكان في كانون الأول حتى جمدت مياه الآبار واستمر ذلك إلى نصف كانون الثاني .

ومن الحوادث: أن بعض الأمراء سأل الخليفة أن يأذن لأبي الخير القزويني في الوعظ بباب بدر ليسمعه أمير المؤمنين وأراد أن يخص بهذا دون غيره فتكلم هناك يوم الخميس غرة رجب .

فلما كان يوم الثلاثاء سادس عشرين رجب تقدم لي بالجلوس هناك وأعطيت مالا وأخذ الناس أماكن من وقت الضحى للمجلس بعد العصر وكانت ثم دكاك فاكتريت حتى إن الرجل كان يكتري موضع نفسه بقيراطين وثلاثة وكنت أتكلم أسبوعا والقزويني أسبوعا إلى آخر رمضان وجمعي عظيم وعنده عدد يسير ثم شاع أن أمير المؤمنين لا يحضر إلا مجلسي .

وزادت دجلة في أوائل شعبان ثم تربى الماء فيها فلما كان الاثنين عاشر شعبان عظمت الزيادة فأسكرت المحال ووصل الماء إلى قبر الإمام أحمد ودخل مدرسة أبي حنيفة ودب من الحيطان إلى النظامية وإلى رباط أبي سعد الصوفي وأشغل الناس بالعمل في القورج وتقدم من الديوان إلى الوعاظ بالخروج مع العوام ليعمل الناس كلهم ، ثم من الله بنقص الماء في مفتتح رمضان .

ووقع الحريق من باب درب بهروز إلى باب جامع القصر ومن الجانب الآخر من حجرة النخاس إلى دار الخليفة وتغير ماء دجلة باصفرار وثخن الماء فبقي على هذا مدة .

وفي شعبان: مرت ريح سوداء أظلمت الدنيا فتقدم إلي بالجلوس بباب بدر يوم عرفة فحضر الناس من وقت الضحى وكان الحر شديدا والناس صيام .

وكان من أعجب ما جرى أن حمالا حمل على رأسه دار نوبة من قبل الظهر إلى [ ص: 201 ] وقت العصر ظلل بها من الشمس عشرة أنفس فأعطوه خمسة قراريط واشتريت مراوح كثيرة بضعفي ثمنها وصاح رجل يومئذ قد سرق الآن مني مائة دينار في هذه الزحمة فوقع له أمير المؤمنين بمائة دينار .

وفي ذي الحجة: عزل نقيب النقباء ابن الأبقى وولي مكانه ابن الزوال .

التالي السابق


الخدمات العلمية