الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

4096 - أحمد بن عبد العزيز بن أبي يعلى الشيرازي ، أبو نصر بن القاص والقاص هو أبو يعلى :

كان أحمد مليح الهيئة ، حسن الشيبة ، كثير البكاء ، يحضر مجلس شيخنا أبي الحسن الزاغواني فيبكي كثيرا توفي يوم الاثنين تاسع ذي القعدة ، ودفن بمقبرة باب حرب .

4097 - عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي ، أبو البركات الحافظ :

ولد في رجب سنة اثنتين وستين وأربعمائة ، وسمع أبا محمد الصريفيني ، وأبا الحسين ابن النقور ، وأبا القاسم ابن البسري ، وأبا نصر الزينبي ، وطرادا . وكان ذا دين وورع ، وكان قد نصب نفسه للحديث طول النهار ، وسمع الكثير من خلق كثير ، وكتب بيده الكثير ، وكان صحيح السماع ثقة ثبتا ، وكنت أقرأ عليه الحديث وهو يبكي [ ص: 34 ] فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته ، وكان على طريقة السلف ، وانتفعت به ما لم أنتفع بغيره ، ودخلت عليه وقد بلي وذهب لحمه ، فقال لي : إن الله لا يتهم في قضائه .

وتوفي يوم الخميس حادي عشر محرم هذه السنة ، وصلى عليه أبو الحسن الغزنوي ، ودفن بالشونيزية .

4098 - عبد الخالق بن عبد الصمد بن علي بن الحسين بن عثمان الشيباني ، أبو المعالي ، ويعرف بابن البدن .

ولد سنة اثنتين وخمسين ، وسمع أبا الحسين ابن المهتدي ، وأبا جعفر ابن المسلمة ، وابن النقور والزينبي ، [وغيرهم ] وحدثنا عنهم ، وكان سماعه صحيحا ، وكان عبدا صالحا سريع الدمعة .

وتوفي ليلة الخميس لليلة بقيت من جمادى الأولى من هذه السنة .

4099 - علي بن طراد بن محمد بن علي بن أبي تمام الزينبي ، ويكنى أبا القاسم :

ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة ، سمع أباه وعمه أبا نصر ، وأبا طالب ، وأبا محمد التميمي ، وأبا القاسم بن بشران ، وابن السراج ، وابن النظر ، وولي نقابة النقباء ولاه المستظهر وخلع عليه ولقبه الرضا ذا الفخرين ، وهي ولاية أبيه ، وركب معه ثم وزر للمسترشد والمقتفي وأبوه طراد ولي نقابة النقباء ، وأبوه أبو الحسن محمد ولي نقابة النقباء ، وأبوه أبو القاسم علي ولي نقابة النقباء ، وأبوه أبو تمام كان قاضيا .

وتقلبت بعلي بن طراد أحوال عجيبة من ولاية وعزل إلى أن خرج مع المسترشد وهو وزيره لقتال الأعاجم فأسر هو وأرباب الدولة ثم أطلقوا ووصل إلى بغداد وأشار بعد قتل المسترشد بالمقتفي ووزر له ثم تغير المقتفي عليه فاستجار بذلك السلطان إلى أن سئل فيه وأعيد إلى بيته .

[ ص: 35 ] وتوفي بكرة الأربعاء غرة رمضان هذه السنة عن ست وسبعين سنة وكان قد أوصى إلى ابن عمه قاضي القضاةعلي بن الحسين فأمضى المقتفي تلك الوصية وبعث له الأكفان والطيب ودفن بداره الشاطئية بباب المراتب ، ثم نقل إلى تربته بالحربية ليلة الثلاثاء سادس عشر رجب سنة أربع وأربعين ، وجمع على نقله الوعاظ فوعظوا في داره إلى وقت السحر ثم أخرج والقراء معه والعلماء والشموع الزائدة في الحد .

4100 - محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الدقاق ، أبو الحسن المعروف بابن صرما .

وهو ابن عمة شيخنا أبي الفضل بن ناصر ، ولد يوم الخميس النصف من شعبان سنة ستين وأربعمائة ، وسمع من أبي محمد الصريفيني ، وأبي الحسين ابن النقور ، وأبي القاسم ابن البسري وغيرهم . وحدثنا عنهم ، وكان شيخا صالحا ستيرا .

توفي يوم الثلاثاء منتصف شعبان ودفن بمقبرة باب حرب .

4101 - محمد بن الخضر بن إبراهيم ، أبو بكر المحولي :

خطيبها وإمامها ، سمع الحديث ورواه وقرأ بالقراءات على أبي الطاهر بن سوار [ وأبي محمد التميمي ، وكان يقول قرأت على أبي طاهر بن سوار ] الروايات في خمس عشرة سنة ، وما كنت أجمع بين الروايتين والثلاث كنت أختم لكل رواية ختمة وما آخذ إلا هكذا ، وكان فصيحا ، وكان مشتهرا بالتجويد وحسن الأداء ، وأعطي فصاحة وخشوعا وكان الناس يقصدون صلاة الجمعة وراءه لذلك ، وكان صالحا دينا .

توفي يوم السبت ثامن عشر ذي القعدة ودفن بالمحول .

4102 - محمد بن الفضل بن محمد ، أبو الفتوح الإسفرائيني ويعرف بابن المعتمد .

[ ص: 36 ] ولد سنة أربع وسبعين بإسفرائين ، دخل بغداد فأقام بها مدة يتكلم بمذهب الأشعري ويبالغ في التعصب ، وكانت الفتن قائمة في أيامه واللعنات في الأسواق ، وكان بينه وبين الغزنوي معارضات حسد ، فكان كل منهم يذكر الآخر على المنبر بالقبيح ، فلما قتل المسترشد [وولي الراشد ثم ] خرج من بغداد [خرج ] أبو الفتوح مع الراشد إلى الموصل ، فلما توفي الراشد سئل في حقه المقتفي فأذن له في العود إلى بغداد ، فدخل وتكلم ، واتفق أن جاء الحسن بن أبي بكر النيسابوري إلى بغداد فوعظ وذم الأشعرية وساعده الخدم ووجد الغزنوي فرصة فكلم السلطان مسعودا في حق أبي الفتوح ، فأمر بإخراجه من البلد ، وبلغني أن السلطان قال للحسن النيسابوري : تقلد دم أبي الفتوح حتى أقتله ، فقال : لا أتقلد ، فوكل بأبي الفتوح يوم الجمعة ويوم السبت وأخرج يوم الأحد ووقف له عند السور خمسة عشر تركيا ، وجاء منهم واحد أو اثنان إليه ، فقال : تقوم للمناظرة فخرج غير متأهب ولا مزود لسفر ، وذلك في شعبان فلما خرج من رباطه تبعه خلق كثير فلما وصلوا إلى السور ضربوا الأتراك فرجعوا ، وكان قد سلم إلى قيماز الحرامي فتبعه جماعة ليحمل إلى همذان ثم سلم إلى عباس فبعثه إلى إسفرائين واشترط عليه متى خرج من بلده أهلك ، فأخذ بلجام فرسه وسير به ناحية النهروان وحده وخرج أهله وأولاده فمضوا إلى رباط حموه ، وهو أبو القاسم شيخ ، فخرج هو وأبو منصور ابن البزار ويوسف الدمشقي وأبو النجيب إلى السلطان يسألون فيه ، فلم يلتفت إليهم ، ونودي في البلد لا يذكر أحد مذهبا ولا يثير فتنة ، فانخزلت الأشاعرة وحمل أبو الفتوح إلى ناحية خراسان ، فلما وصل إلى نيسابور توفي بها في ذي الحجة من هذه السنة فدفن هناك .

ووصل الخبر بموته فقعدوا في رباطه للعزاء به ، فحضر الغزنوي عزاءه وقد كان يذكر كل واحد الآخر على المنبر بالقبائح ، فكلمه قوم من العامة بكلام فظيع وهو ساكت ، وقالوا : إنما حضرت شماتة به وهو ساكت ، فقام رجل فقيه فأنشد : [ ص: 37 ]

خلا لك يا عدو الجو فاصفر ونجس في صعودك كل عود     كذاك الثعلبان يجول كبرا
ولكن عند فقدان الأسود

فبكى الغزنوي . وقال [لي ] علي بن المبارك لما عاد الغزنوي إلى رباطه قلت له : أنت كنت تذكر هذا الرجل بما لا يحسن ، وكنت مهاجرا له ، فكيف حضرت عزاه وأظهرت الحزن عليه حتى قال الناس ما قالوا ؟ فقال : أنا إنما بكيت على نفسي ، كان يقال فلان وفلان ، فعدم النظير مقرب للرحيل ، وأنشدني :


ذهب المبرد وانقضت أيامه     وسينقضي بعد المبرد ثعلب
بيت من الآداب أصبح نصفه     خربا وباقي النصف منه سيخرب
فتزودوا من ثعلب فبمثل ما     شرب المبرد عن قليل يشرب
أوصيكم أن تكتبوا أنفاسه     إن كانت الأنفاس مما يكتب

4103 - محمد بن القاسم بن المظفر بن علي الشهرزوري ، أبو بكر بن أبي أحمد :

من أهل الموصل ، ولد سنة أربع وخمسين ، وسافر البلاد ، وصحب العلماء ، وسمع الحديث الكثير ، ومن شعره :


همتي دونها السها والثريا     قد علت جهدها فما تتدانى
فأنا متعب معنى إلى أن     تتفانى الأيام أو أتفانى

[توفي ببغداد في جمادى الآخرة من هذه السنة ، ودفن بمقبرة باب أبرز ] .

4104 - محمود بن عمر بن محمد بن عمر ، أبو القاسم الزمخشري :

من أهل خوارزم ، وزمخشر إحدى قراها ، ولد سنة سبع وستين وأربعمائة ، ولقي [ ص: 38 ] العلماء الأفاضل ، وكان له حظ في علم الأدب واللغة ، وصنف التفسير الكبير ، وغريب الحديث ، أقام بخوارزم مدة ، وبالحجاز مدة . وورد بغداد غير مرة ، كان يتظاهر بالاعتزال .

توفي بخوارزم ليلة عرفة من هذه السنة .

[ ص: 39 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية