الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              4428 4 - باب الرجم

                                                              530 \ 4266 عن عبد الرحمن بن الصامت ابن عم أبي هريرة ، أنه سمع [ ص: 105 ] أبا هريرة يقول : جاء الأسلمي نبي الله صلى الله عليه وسلم، فشهد على نفسه، أنه أصاب امرأة حراما أربع مرات، كل ذلك يعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل في الخامسة فقال: أنكتها؟ قال: نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟ قال : نعم، قال : فهل تدري ما الزنا؟ قال : نعم، أتيت منها حراما، ما يأتي الرجل من امرأته حلالا، قال : فما تريد بهذا القول؟ قال : أريد أن تطهرني، فأمر به فرجم، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه، يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب، فسكت عنهما، ثم سار ساعة، حتى مر بجيفة حمار شائل برجله، فقال أين فلان وفلان؟ فقالا: نحن ذان يا رسول الله، قال: انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار، فقالا: يا نبي الله، من يأكل من هذا؟ قال: فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أكل منه، والذي نفسي بيده، إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها .

                                                              وأخرجه النسائي ، وقال فيه: "أنكحتها؟ "

                                                              قلت: عبد الرحمن هذا يقال فيه: ابن الصامت، كما تقدم، ويقال فيه: ابن هضاض، وابن الهضهاض، وصحح بعضهم : ابن الهضهاض.

                                                              وذكره البخاري في "تاريخه " ، وحكى الخلاف فيه، وذكر له هذا [ ص: 106 ] الحديث وقال: حديثه في أهل الحجاز، ليس يعرف إلا بهذا الحديث الواحد .

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وقد روى ابن حبان في "صحيحه" من حديث زيد بن أبي أنيسة، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن بن الهضهاض الدوسي، عن أبي هريرة قال: جاء ماعز بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: الأبعد قد زنى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك ما الزنا؟، ثم أمر به فطرد، وأخرج.

                                                              ثم أتاه الثانية فقال: يا رسول الله، إن الأبعد قد زنى، فقال: ويلك، وما يدريك ما الزنا ؟ فطرد وأخرج.

                                                              ثم أتاه الثالثة، فقال يا رسول الله، إن الأبعد قد زنى، قال: ويلك، وما يدريك ما الزنا ؟ قال: أتيت من امرأة حراما، مثل ما يأتي الرجل من امرأته، فأمر به فطرد وأخرج.

                                                              ثم أتاه الرابعة، فقال: يا رسول الله، إن الأبعد قد زنى، قال: ويلك، وما يدريك ما الزنا ؟ قال: أدخلت وأخرجت ؟ قال: نعم، فأمر به أن يرجم ... ، فذكر الحديث، وقال فيه : إنه الآن لفي نهر من أنهار الجنة ينغمس
                                                              .

                                                              وهذا صريح في تعدد الإقرار، وأن ما دون الأربع لا يستقل بإيجاب الحد، وفيه حجة لمن اعتبر تعدد المجلس.

                                                              وقد روى ابن حبان أيضا في "صحيحه" من حديث أيوب، عن أبي [ ص: 107 ] الزبير، عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجم ماعز بن مالك قال: لقد رأيته يتخضخض في أنهار الجنة .




                                                              الخدمات العلمية