الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              4238 520 \ 4073 - عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيما امرأة تقلدت قلادة من ذهب، قلدت في عنقها مثله من النار يوم القيامة، وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصا من ذهب، جعل في أذنها مثله من النار يوم القيامة .

                                                              وأخرجه النسائي .

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: قال ابن القطان: وعلة هذا الخبر أن محمود بن عمرو راويه، عن أسماء مجهول الحال، وإن كان قد روى عنه جماعة.

                                                              وروى النسائي، عن أبي هريرة قال: كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتته امرأة فقالت: يا رسول الله، [ق220] سواران من ذهب ؟ قال: سواران من نار، قالت: طوق من ذهب ؟ قال: طوق من نار، قالت: قرطان من ذهب ؟ قال: قرطان من نار. قال: وكان عليها سواران من ذهب فرمت بها [ ص: 82 ] فقالت: يا رسول الله، إن المرأة إذا لم تزين لزوجها صلفت عنده، فقال: ما يمنع إحداكن أن تصنع قرطين من فضة، ثم تصفره بزعفران أو بعبير؟ .

                                                              قال ابن القطان: وعلته أن أبا زيد راويه، عن أبي هريرة مجهول، ولا يعرف روى عنه غير أبي الجهم، ولا يصح هذا.

                                                              وفي النسائي أيضا، عن ثوبان قال : جاءت بنت هبيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدها فتخ، [فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب يدها]، فدخلت فاطمة تشكو إليها الذي صنع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتزعت سلسلة في عنقها من ذهب، قالت: هذه أهداها إلي أبو حسن، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلسلة في يدها. فقال: يا فاطمة أيغرك أن يقول الناس: ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدها سلسلة من نار، ثم خرج، ولم يقعد، فأرسلت فاطمة بالسلسلة إلى السوق فباعتها، واشترت بثمنها غلاما - وقال مرة : عبدا، وذكر كلمة معناها: فأعتقته، - فحدث بذلك، فقال: الحمد لله الذي أنجى فاطمة من النار.

                                                              قال ابن القطان: وعلته أن الناس قد قالوا: إن رواية يحيى ، عن زيد بن [ ص: 83 ] سلام منقطعة، وعلى أن يحيى قد قال: حدثني زيد بن سلام وقد قيل: إنه دلس ذلك، ولعله كان أجازه زيد بن سلام فجعل يقول: حدثنا زيد.

                                                              وفي النسائي أيضا، عن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير ويقول: إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها، فلا تلبسوها في الدنيا .

                                                              " فاختلف الناس في هذه الأحاديث وأشكلت عليهم، فطائفة: سلكت بها مسلك التضعيف، وعللتها كلها، كما تقدم.

                                                              وطائفة: ادعت أن ذلك كان أول الإسلام ثم نسخ، واحتجت بحديث أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أحل الذهب والحرير للإناث من [ ص: 84 ] أمتي، وحرم على ذكورها ، قال الترمذي: حديث صحيح، ورواه ابن ماجه في "سننه" من حديث علي وعبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                              وطائفة: حملت أحاديث الوعيد على من لم تؤد زكاة حليها، فأما من أدته فلا يلحقها هذا الوعيد.

                                                              واحتجوا بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده : أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظان من ذهب، فقال لها: تعطين زكاة هذا؟، قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟، قال: فخلعتهما، فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله ، وبما روى أبو داود، عن أم سلمة قالت : كنت ألبس أوضاحا من [ ص: 85 ] ذهب، فقلت: يا رسول الله أكنز هو؟، فقال: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز ، وهكذا من أفراد ثابت بن عجلان، والذي قبله من أفراد عمرو بن شعيب.

                                                              وطائفة من أهل الحديث حملت أحاديث الوعيد على من أظهرت حليتها، وتبرجت بها، دون من تزينت بها لزوجها.

                                                              قال النسائي في "سننه" وقد ترجم على ذلك: "الكراهة للنساء في إظهار الحلي والذهب"، ثم ساق أحاديث الوعيد. والله أعلم.




                                                              الخدمات العلمية