الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              5127 653 \ 4964 - وعن ثابت ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ما رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحوا بشيء لم أرهم فرحوا بشيء أشد منه، قال رجل : يا رسول الله ، الرجل [ ص: 412 ] يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل بمثله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المرء مع من أحب .

                                                              وأخرجه البخاري ومسلم بمعناه وأتم منه.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وفي "الصحيحين" : عن أنس : أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: متى الساعة ؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أعددت لها ؟ قال: حب الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت .

                                                              وفي رواية: ما أعددت لها من كثير صوم ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله .

                                                              وفي "الصحيحين"، عن أبي موسى: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المرء مع من أحب .

                                                              وروى الترمذي من حديث زر بن حبيش، عن صفوان بن عسال، قال: جاء أعرابي جهوري الصوت، فقال: يا محمد، الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب . قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

                                                              [ ص: 413 ] وفي "صحيح مسلم"، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي .

                                                              وفي الترمذي، عن معاذ بن جبل، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء . قال: وفي الباب، عن أبي الدرداء، وابن مسعود، وعبادة بن الصامت، وأبي هريرة، وأبي مالك الأشعري، وهذا حديث حسن صحيح.

                                                              وفي "الصحيحين": عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار .

                                                              وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سبعة يظلهم [ ص: 414 ] الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله: اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه .

                                                              وفي "صحيح مسلم"، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم .

                                                              وروى مالك في "الموطأ" بإسناد صحيح، عن أبي إدريس الخولاني قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا، وإذا الناس معه، وإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه، وصدروا عن رأيه، فسألت عنه ؟ فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان من الغد هجرت، فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي، فانتظرته [ق270] حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه، فسلمت [ ص: 415 ] عليه.

                                                              ثم قلت: والله إني لأحبك، فقال آلله ؟ قلت: آلله، فقال آلله؟ قلت: آلله، فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه، فقال أبشر، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في
                                                              .

                                                              وفي "صحيح مسلم"، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله على مدرجته ملكا، فلما أتى عليه قال: أين تريد ؟ قال أريد أخا لي في هذه القرية، قال : هل لك عليه نعمة تربها ؟ قال : لا، غير أني أحببته في الله تعالى، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه .

                                                              وحديث: المرء مع من أحب ، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك، وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وعلي بن أبي طالب، وأبو سعيد الخدري، وأبو ذر، وصفوان بن عسال، وعبد الله بن يزيد الخطمي، والبراء بن عازب، وعروة بن مضرس، وصفوان بن قدامة الجمحي، وأبو أمامة الباهلي، وأبو سريحة الغفاري، وأبو هريرة، ومعاذ بن جبل، وأبو قتادة الأنصاري، وعبادة بن الصامت، وجابر بن عبد الله، وعائشة، رضي الله عنهم.

                                                              فحديث أنس متفق عليه، وحديث ابن مسعود متفق عليه أيضا، وكذلك حديث أبي موسى، وقد تقدمت.

                                                              [ ص: 416 ] وأما حديث علي رضي الله عنه ، فرواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن مسلم الأعور، عن حبة العرني، عن علي: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: الرجل يحب القوم، ولا يستطيع أن يعمل بعملهم؟ قال: المرء مع من أحب .

                                                              وأما حديث أبي سعيد الخدري، فرواه ابن أبي ليلى عن عطية العوفي عنه مختصرا: المرء مع من أحب .

                                                              وأما حديث أبي ذر، فذكره أبو داود وإسناده صحيح.

                                                              وأما حديث صفوان بن عسال، فرواه الترمذي وصححه، وقد تقدم.

                                                              وأما حديث عبد الله بن يزيد الخطمي، فرواه جماعة عن مسلم الأعور، عن موسى بن عبد الله بن يزيد، عن أبيه، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكره .

                                                              وأما حديث البراء بن عازب، فرواه حسين بن منصور، عن علي بن يزيد [ ص: 417 ] الصدائي عن العرزمي، عن أبي إسحاق عن البراء .

                                                              وأما حديث عروة بن مضرس، فرواه زيد بن الحريش، عن عمران بن عيينة أخي سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي عنه مرفوعا: المرء مع من أحب .

                                                              وأما حديث صفوان بن قدامة، فرواه الطبراني في "المعجم الكبير" من حديث موسى بن ميمون المرائي، عن أبيه ميمون بن موسى، عن أبيه، [ ص: 418 ] عن جده عبد الرحمن بن صفوان بن قدامة، قال: هاجر أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه على الإسلام وقال: إني أحبك يا رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب .

                                                              قال الفلاس : ميمون صدوق ضعيف.

                                                              وأما حديث أبي أمامة الباهلي، فرواه محمد بن عرعرة، وطالوت بن عباد، عن فضال بن جبير، عنه يرفعه: لا يحب عبد قوما إلا بعثه الله معهم .

                                                              وأما حديث أبي سريحة، فمن رواية عبد الغفار بن القاسم- متروك- عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن حبيب بن حماز، عنه مرفوعا: المرء مع من أحب .

                                                              [ ص: 419 ] وأما حديث أبي هريرة، فرواه غسان بن الربيع، عن موسى بن مطير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: العبد عند ظنه بالله، وهو مع أحبابه يوم القيامة .

                                                              وأما حديث معاذ بن جبل، فروي عنه بإسناد لا يثبت مرفوعا: المرء مع من أحب .

                                                              وأما حديث أبي قتادة الأنصاري، فمن رواية ابن لهيعة، حدثني أبو صخر، عن يحيى بن النضر، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث أنس.

                                                              وأما حديث عبادة بن الصامت، فرواه عبد القدوس بن محمد بن شعيب، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس، عن عبادة بن الصامت، مرفوعا: المرء مع من أحب .

                                                              [ ص: 420 ] وهو في البخاري، عن عمرو بن عاصم، [عن همام]، عن قتادة، عن أنس، من حديثه.

                                                              وعبد القدوس هذا روى عنه البخاري.

                                                              وأما حديث جابر، فرواه الحارث بن أبي أسامة، من حديث عكرمة بن عمار، حدثني سعيد، حدثني جابر بن عبد الله، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، متى تقوم الساعة؟ قال: "فما أعددت لها؟ " قال: والله يا رسول الله، ما أعددت لها، إني لضعيف العمل، وإني أحب الله ورسوله، قال: فأنت مع من أحببت .

                                                              وسعيد إن كان ابن المسيب فمنقطع، وإن كان ابن مينا فقد أدرك جابرا.

                                                              وأما حديث عائشة، فقال عبد الله: حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام [ ص: 421 ] عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن شيبة الخضري، عن عروة، عن عائشة مرفوعا: لا يحب أحد قوما إلا حشر معهم يوم القيامة .

                                                              ورواه [ق271]، الطبراني في "معجمه " أطول منه من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، ترفعه: ثلاث أحلف عليهن، والرابعة: لو حلفت عليها لرجوت أن لا آثم: ما جعل الله ذا سهم في الإسلام كمن لا سهم له، ولا يتولى الله عبد في الدنيا، فيوليه غيره يوم القيامة، والمرء مع من أحب، والرابعة لو حلفت عليها لرجوت أن لا آثم: لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة . فقال عمر بن عبد العزيز: إذا سمعتم بهذا الحديث، عن عروة، عن عائشة، فاحفظوه .




                                                              الخدمات العلمية