الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              5206 32 - باب السلام على أهل الذمة

                                                              666 \ 5043 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم، فإنما يقول: السام عليكم ، فقولوا وعليكم قال أبو داود : وكذلك رواه مالك ، عن عبد الله بن دينار ، ورواه الثوري ، عن عبد الله بن دينار قال فيه : وعليكم .

                                                              وأخرجه الترمذي والنسائي، ولفظ الترمذي وفي لفظ لمسلم والنسائي: " فقل: عليك" بغير واو.

                                                              وحديث مالك الذي أشار إليه أبو داود أخرجه البخاري في "صحيحه " .

                                                              [ ص: 434 ] وحديث سفيان الثوري، أخرجه البخاري ومسلم.

                                                              وأخرجه النسائي، من حديث سفيان بن عيينة بإسقاط الواو.

                                                              وقال الخطابي: هكذا يرويه عامة المحدثين "وعليكم " بالواو. وكان سفيان بن عيينة يرويه "عليكم " بحذف الواو، وهو الصواب. وذلك أنه إذا حذف الواو: صار قولهم الذي قالوه بعينه مردودا عليهم، وبإدخال الواو يقع الاشتراك معهم والدخول فيما قالوه، لأن الواو حرف العطف والاجتماع بين الشيئين.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: قلت: معنى ما أشار إليه الخطابي، أن الواو في مثل هذا تقتضي تقرير الجملة الأولى، وزيادة الثانية عليها، كما إذا قلت: زيد كاتب، فقال المخاطب: وشاعر وفقيه، اقتضى ذلك تقرير كونه كاتبا، وزيادة كونه شاعرا وفقيها، وكذلك إذا قلت لرجل: فلان أخوك، فقال: وابن عمي [ ص: 435 ] كان تقريرا، لكونه أخاه وزيادة كونه ابن عمه.

                                                              ومن هاهنا استنبط أبو القاسم السهيلي: أن عدة أصحاب الكهف سبعة، قال: لأن الله تعالى حكى قول من قال: ثلاثة، وخمسة، ولم يذكر الواو في قولهرابعهم و سادسهم وحكى قول من قال: إنهم سبعة، ثم قال: وثامنهم كلبهم ، قال: لأن الواو عاطفة على كلام مضمر، تقديره: نعم وثامنهم كلبهم، وذلك أن قائلا لو قال: إن زيدا شاعر، فقلت له وفقيه، كنت قد صدقته، كأنك قلت نعم هو كذلك وفقيه أيضا.

                                                              وفي الحديث: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ بما أفضلت الحمر ؟ فقال: وبما أفضلت السباع، يريد : نعم وبما أفضلت السباع . أخرجه الدارقطني.

                                                              وفي التنزيل : وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر هو من هذا الباب.

                                                              وفيما قاله السهيلي نظر، فإن هذا إنما يتم إذا كان حرف العطف بين كلامين لمتكلمين، وهو نظير ما استشهد به .

                                                              وأما إذا كان من متكلم واحد لم يلزم ذلك، كما إذا قلت: زيد فقيه وكاتب وشاعر. والآية ليس فيها أن [ ص: 436 ] كلامهم انتهى إلى قوله: ( سبعة ثم قررهم الله على ذلك: وثامنهم كلبهم ، بل سياق الآية يدل على أن الجملتين من كلامهم، وأن جميعه داخل تحت الحكاية، فهو كقول من قبلهم مع اقترانه بالواو.

                                                              وأما هذا الحديث فإدخال الواو فيه لا يقتضي اشتراكا معهم في مضمون هذا الدعاء، وإن كان كلامين لمتكلمين، بل غايته: التشريك في نفس الدعاء.

                                                              هذا لأن الدعاء الأول قد وجد منهم، وإذا رد عليهم نظيره حصل الاشتراك في نفس الدعاء. ولا يستلزم ذلك الاشتراك معهم في مضمونه ومقتضاه، إذ غايته: أنا نرد عليكم كما قلتم لنا.

                                                              وإذا كان " السام " معناه الموت - كما هو المشهور فيه - فالاشتراك ظاهر، والمعنى: أنا لسنا نموت دونكم، بل نحن نموت وأنتم أيضا تموتون، فلا محذور في دخول الواو على كل تقدير، وقد تقدم أن أكثر الأئمة رواه بالواو.




                                                              الخدمات العلمية